تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{تَنزِيلٞ مِّنَ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ} (2)

بسم الله الرحمن الرحيم

الآيتان 1 و2 قوله تعالى : { حم } { تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } ظاهر هذا أن تفسير { حم } هو قوله : { تنزيل } و{ حم } خبر لمبتدأ محذوف مقدّر { تنزيل } مبتدأ { من الرحمن الرحيم } ؟

وكذلك قوله : { حم } { تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم } [ غافر : 1 و2 ] .

والأصل في الحواميم{[18387]} وسائر الحروف المقطعة أنها تبعث سامعها على التفكر والتأمل ، لأنه لا يفهمها وقت قرعها{[18388]} السمع حتى يتأمل ، ويتفكر فيها ، لأنها كلام ، لم{[18389]} يسمعوه قبل ذلك ، فيُحملهم ذلك على الاستماع والتفكر فيها والنظر ، فيقع ما هو المقصود من الخطاب في سماعهم ، ويعرفوا وجه الإعجاز ، فيتوصّلوا بذلك إلى الحق . وقد ذكرنا في الحروف المقطعة وجوها في ما تقدم .

ثم ذكر ههنا رحمته ورأفته ليرغّبهم في ما يرحمهم ، ويرأف بهم ، وهو قوله : { تنزيل من الرحمن الرحيم } وذكر في السورة الأولى عزه وقدرته /482– أ/ وسلطانه وعلمه ليحذروا مخالفته وعصيانه ظاهرا وباطنا حين{[18390]} قال : { تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم } ليطلبوا العز من عنده .


[18387]:في الأصل وم: حواميم،
[18388]:من م، في الأصل: وقوعها.
[18389]:في الأصل وم: لا.
[18390]:في الأصل وم: حيث.