تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لِتَسۡتَوُۥاْ عَلَىٰ ظُهُورِهِۦ ثُمَّ تَذۡكُرُواْ نِعۡمَةَ رَبِّكُمۡ إِذَا ٱسۡتَوَيۡتُمۡ عَلَيۡهِ وَتَقُولُواْ سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُۥ مُقۡرِنِينَ} (13)

الآية 13 وقوله تعالى : { لتستووا على ظهوره } جعل ظهوره بحيث يستوون عليها ، ويقرّون . وكان له أن يجعل ظهورها بحيث لا يستوون عليها ، ولا يقرون ، وهذا من نعم الله تعالى عليهم .

وقوله تعالى : { ثم تذكُروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه } ثم نعمته تخرّج على وجوه :

[ أحدها : ما ]{[18880]} ذلّل لهم من الأنعام ، وسخّرها لهم بقوتها وشدّتها .

[ والثاني : ما ]{[18881]} جعل لهم أن يستعملوا الدوابّ ، وهي تتألّم ، وتتلذّذ كما يتألّمون ، ويتلذّذون .

[ والثالث : ]{[18882]} جعلها منفعة لهم ، لا أن جُعلوا لها .

[ والرابع : ]{[18883]} أن تكون نعمته التي أمرهم أن يذكروها الإسلام والتوحيد ، ويقولوا{[18884]} : الحمد لله الذي هدانا للإسلام { وتقولوا سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مُقرِنين } .

[ والخامس : أن ]{[18885]} يأمرهم أن يذكروا ما أنشأ لهم من النّعم العظيمة .

وقوله تعالى : { وما كنا له مُقرِنين } قال بعضهم : مطيقين . يقال : أنا لك مُقرِن مطيق ، ويقال : أنا مُقرِن لهذا العمل أي قوي عليه .

وأصل هذا التأويل أنّ الدواب والأنعام في أنفسها أشد وأكثر قوة وأعظمها من البشر . لكن الله تعالى بفضله ومنّه علّم الإنسان الحِيل حتى قدر على استعمال الدواب والأنعام مع قوتها وشدتها حيث شاؤوا وفي ما شاؤوا ، وسخّرها لهم .

ويحتمل أن يكون قوله : { وما كنا له مقرنين } أي لم يجعلنا من قرن الدواب ومن قرنها بحيث نُستعمَل لما تُستعمَل الدواب وتُركب على الظهور ، أي لم يجعلنا من قرن الدواب ومن أشكالها ، والله أعلم .


[18880]:في الأصل: لما، في م: ما.
[18881]:في الأصل وم: أو.
[18882]:في الأصل وم: ثم.
[18883]:في الأصل وم: أو.
[18884]:في الأصل وم: أو.
[18885]:في الأصل وم: أم.