تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ} (1)

مقدمة السورة:

سورة النجم مكية{[1]}

بسم الله الرحمن الرحيم

الآية 1 قوله تعالى : { والنجم إذا هوى } قيل : المراد هو النجم [ نفسه ؛ فأقسم به ]{[20038]} على أن محمدا صلى الله عليه وسلم ما ضلّ ، وما غوى ، على ما قاله الكَفَرة /535-ب/ وبه يقول الأصمّ .

وقيل : أراد بقوله : { والنجم إذا هوى } نزول القرآن نجما فنجمًا على التفاريق ؛ أقسم بالقرآن أنه لم يضلّ ، ولم يغْوِ .

وقال مجاهد : أقسم بالثُّريا إذا غاب ، والعرب تسمّي الثّريا ، وهي ستة أنجم ظاهرة ، نجمًا .

وقال أبو عُبَيدة : أقسم بالنجم إذا سقط في الغَورِ ، كأنه لم يخصّ الثّريا دون غيرها .

فإن كان التأويل هو الأول ، فهو لما جعل الله تعالى للنجوم محلاًّ في قلوب الخلق وأعلاما يستخرجون بها جميع ما ينزل بالخَلق وما يكون لهم من المنافع والمضارّ من كثرة الإنزال والسّعة والضّيق وما ينزل بهم من المصائب والشدائد وما يكون من انقلاب القلوب وما جعل فيها من المنافع من معرفة القِبلة وطرق الأمكنة النائية ومعرفة الأوقات وغيرها مما يكثر عدُّها ؛ فأقسم بنفسها أو بالذي أنشأ النجوم وما جعل فيها من المنافع أن محمدا صلى الله عليه وسلم ما ضلّ ، وما غَوَى .

وإن كان النجم هو النجوم التي أُنزل القرآن فيها نجوما على التفاريق ، فالقَسَم بالذي أنزل القرآن على التّفاريق .

وقوله تعالى : { إذا هوى } أي سقط كقوله تعالى : { فلا أقسم بمواقع النجوم } [ الواقعة : 75 ] أي بمساقطها .

والأشبه أن يكون قوله : { إذا هوى } أي إذا [ سارت النجوم سَيرًا دائبًا ]{[20039]} لأنها أبدا تكون في السير ، وفي سيرها منافع الخلق من الاهتداء للطُّرق وغيرها . وإلا{[20040]} ليس في مساقط النجوم وغيبوبتها كثير حكمة حتى يقسم بذلك ، والله أعلم .


[1]:- في ط ع: سمح.
[20038]:في الأصل وم: نفسها فأقسم بها.
[20039]:في الأصل وم: صارت سيرا دائما في سيرها.
[20040]:في الأصل وم: وإما.