الآية 48 وقوله تعالى : { واصبر لحُكم ربك } دلّ هذا الحرف أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كُلّف أمرا شديدا شاقا عليه حتى قال له : { واصبر } إذ الأمر بالصبر لا يكون إلا في أمور شاقة شديدة ، وكذلك{[20029]} قال له : { فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل } [ الأحقاف : 35 ] أمره بالصبر على ما كلّفه كما صبر إخوانه على ما لحقهم من الأمور الشاقة . وما قال : { واصبر وما صبرك إلا بالله } [ النحل : 127 ] أخبر أنه لو صبر إنما يصبر بتوفيق الله تعالى إياه .
[ وفيه ]{[20030]} أنه إذا صبر يكون صبره لله تعالى حتى يسهُل عليه احتمال ذلك ، والله أعلم .
ثم قوله تعالى : { لِحُكم ربك } يحتمل وجوها :
أحدها : ما أمر من تبليغ الرسالة إلى الفراعنة الذين كان همّهم القتل لمن خالفهم ، فذلك أمر شديد ، فأمره بالصبر على ذلك والتبليغ إلى أولئك .
والثاني : أمره بالصبر على أذاهم واستهزاءهم به وترك المكافأة لهم .
[ والثالث ]{[20031]} : يحتمل أن يكون الأمر بالصبر على الأمور التي كانت عليه في [ خاص نفسه ]{[20032]} من احتمال غصّة التكذيب وحُزنه على تركهم التوحيد والإيمان . وإنما ذلك كله حكم الله تعالى .
وقوله تعالى : { فإنك بأعيُننا } أي بمنظر وعلم منا :
فإن كان الأمر بالصبر على القيام بتبليغ الرسالة إلى من ذكرنا فيُخرّج قوله : { فإنك بأعيُننا } مُخرَج وعد النصر والمعرفة كقوله تعالى : { والله يعصِمُك من الناس } [ المائدة : 67 ] .
وإن كان الأمر بالصبر على ترك مكافأتهم أو على القيام بالأمور التي في ما بينه وبين ربه تعالى ، فيصير كأنه قال : على علم منا بما يكون منهم من التكذيب والاستهزاء والأذى كلّفناك لا عن جهل منا بذلك ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وسبّح بحمد ربك } أي نزّهه عن معاني الخَلق وعما لا يليق ، واذكر الثناء عليه بما هم أهله .
وقوله تعالى : { حين تقوم } يحتمل { حين تقوم } من مجلسك أو من مقامك أم { حين تقوم } للتعيُّش والانتشار .
فإذا كان المراد { حين تقوم } من مجلسك ، فيكون التسبيح ما ذُكر في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه قال : ( من جلس مجلسا كثُر فيه لغَطُه فقل قبل أن تقوم من مجلسك : سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك ، وأتوب إليك ، غفر له ما كان في مجلسه ذلك ) [ الترمذي 3433 ] ولم يذكر الآية .
وإن كان المراد { حين تقوم } من منامك ، فجائز أن يكون المراد منه الصلاة ، وإن كان { حين تقوم } الانتشار والتعيّش ، فيصير كأنه [ أمر ]{[20033]} بالتسبيح بالنهار في وقت الانتشار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.