تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{يَسۡـَٔلُهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ كُلَّ يَوۡمٍ هُوَ فِي شَأۡنٖ} (29)

الآيتان 29 و30 وقوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } { يسئله من في السماوات والأرض كل يوم هو في شأن } [ فبأي آلاء ربكما تكذبان } ]{[20299]} يخبر الله عز وجل عن فزع أهل السماء وأهل الأرض إليه عند الإياس من الخلق وانقطاع الرجاء عنهم ، وهو يذكر أنه المفزع في الأحوال كلها وللخلائق كلهم ، ومنه يسألون الرزق والنجاة ، وهو ما ذكر : { قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر } الآية [ الأنعام : 63 ] وقوله عز وجل : { قل الله ينجّيكم منها ومن كل كرب } [ الأنعام ] : 64 ] وقوله تعالى : { وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه } [ الزمر : 8 ] وقوله تعالى : { وإذا مسكم الضر في البحر } [ الإسراء : 67 ] .

هذا صلة قوله : { كل من عليها فان } { ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } [ الآيتان : 26 و27 ] .

يقول ، والله أعلم : شأنه وأمره باق دائم أبدا وذهاب الخلق لا يدخل نقصا في شأنه وأمره ولا وهنا في سلطانه وملكه ، بل هو في شأنه وأمره عند فنائهم كهو في حال حياتهم .

وجائز أن يكون ما قال بعض أهل التأويل : إن اليهود قالت : إن الله استراح يوم السبت ، لا يقضي بشيء ، ولا يحكم ، ولا يأمر ، ولا يفعل فعلا ، فنزلت الآية عند ذلك { كل يوم هو في شأن } من إحداث وإفناء وإحياء وإماتة .

وأصله أن الله تعالى إذا وصف بالأزل يقال : عالم لم يزل ، رازق بذاته لم يزل ، وإذا ذكر بأمر وتدبير مضاف إلى الخلق يوصف على ذكر الوقت ، فيكون الوقت للخلق لا له نحو أن يقال : إن الله تعالى لم يزل عالما بجلوسك هاهنا أو في هذا الوقت ، أي لم يزل عالما أين تجلس الآن أو تجيء الآن ، أو في هذا الوقت .

وإذا وصفته بالماضي قلت : لم يزل عالما بما كان [ بالماضي ، وبالمستقبل ]{[20300]} لم يزل عالما بما يكون أنه يكون في وقت كذا ، وبالحال لم يزل عالما بكونه كائنا للحال ونحو ذلك نفيا لوهم الخلق أن المخلوق كيف يكون في الأول .

فعلى ذلك قوله عز و جل : { كل يوم هو في شأن } ذكر اليوم والوقت لئلا/ 543 – أ/ يتوهم كون الخلق قديما ، والله أعلم .


[20299]:ساقطة من الأصل وم.
[20300]:من م، في الأصل: بالمستقبل.