الآية 104 وقوله تعالى : { قد جاءكم بصائر من ربكم } [ يحتمل وجهين :
أحدهما : ]{[7557]} قيل : بينات من ربكم ، وقيل : البصائر الهدى [ وهي ]{[7558]} بصائر في قلوبهم ، وليست ببصائر الرؤوس .
وهو قول عبد الرحمان بن زيد بن أسلم ، وقيل { بصائر } أي بيان ، وهو واحد ، وقيل : { بصائر } شواهد ؛ أي قد جاءكم من الله شواهد تدلكم على ألوهيته ؛ وهو كقوله تعالى { بل الإنسان على نفسه بصيرة } [ القيامة : 14 ] أي بل الإنسان من نفسه بصيرة أي شاهدة ، تشهد كل جارحة منه على وحدانيته وألوهيته .
ألا ترى أنه قال : { يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون } ؟ [ النور : 24 ] هذا ، والله أعلم ، لأنهم كانوا يقلدن آباءهم في عبادة الأوثان/157- ب/ والأصنام ، ويقولون : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } [ الزمر : 3 ] { ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله } [ يونس : 18 ] فيقول : { قد جاءكم بصائر من ربكم } من الآيات والرسل ما لو اتبعتموهم لكانوا لكم شفعاء عند الله .
والثاني : { قد جاءكم بصائر من ربكم } ما لو تفكروا ، وتدبروا ، ونظروا فيها ، لعرفوا أنها بصائر من الله ؛ لأن البشر أنشئوا بحيث ينظرون في العجيب من الأشياء . فكانوا على أمرين ؛ منهم من نظر ، وتفكر ، وعرف أنها بصائر ، لكنه عاند ، وكابر ، ولم يعمل بها ، ومنهم من ترك النظر فيها ، فعمي عنها ، ما لو تفكروا ، ونظروا ، لتبين لهم .
وقوله تعالى : { فمن أبصر فلنفسه ومن عمي } أي أبصر الحق والهدى ، وعمل به ، فلنفسه عمل ، ومن أبصر ، وعمي عنها ، أي ترك العمل ، فعليها ترك ، كقوله تعالى : { ومن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها } [ الجاثية : 15 } فإن قيل : ذكر في آية أخرى : { ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة }[ الأنفال : 42 ] أخبر أن من هلك عن بينة ومن حي حي عن بينة ، وههنا يقول : { فمن أبصر فلنفسه ، ومن عمي فعليها } ذكر عمي عنها ، فكيف وجه التوفيق بينهما ؟
قيل : يحتمل قوله تعالى : { عمي } بعد [ ما ]{[7559]} تبين له ، فترك العمل بها { فعليها } لأنه أبصرها ، وعرف أنها من الله ، لكنه عاندها{[7560]} ، وكابرها .
وقوله تعالى : { وما أنا عليكم بحفيظ } أي { قد جاءكم بصائر من ربكم } فليس علينا إلا التبليغ كقوله تعالى : { ما على الرسول إلا البلاغ } [ المائدة : 99 ]
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.