الآية 145 وقوله تعالى : { وكتبنا له في الألواح من كل شيء } يحتمل قوله تعالى : { وكتبنا له في الألواح } وجهين :
أحدهما : أنه إنما أضاف ذلك إلى نفسه كما تولّى كتابتها الملائكة البررة الكرام ، أضاف إلى نفسه تفضيلا لهم وتعظيما على ما ذكر في الكتاب في غير موضع من نحو [ قوله تعالى ]{[8943]} : { فنفخنا فيه من روحنا } [ التحريم : 12 ] وقوله تعالى : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } [ النساء : 80 ] أخبر أن طاعة الرسول له طاعة ، وغير ذلك ، فكذلك هذان ، والله أعلم .
[ والثاني أنه ]{[8944]} : أضاف /186-أ/ ذلك إلى نفسه لما كان ، ويكون إلى يوم القيامة إنما يكون ب : { كن } الذي كان منه في الأوقات التي أراد أن يكون . فعلى ذلك [ كتابته ذلك في ]{[8945]} الألواح كانت{[8946]} تحت ذلك ال { كن } .
وإن كان أضاف بعض تلك الأشياء إلى نفسه كقوله تعالى : { جعل لكم الليل والنهار } [ القصص : 73 ] ، وقوله{[8947]} تعالى : { جعل الشمس ضياء والقمر نورا } [ يونس : 5 ] ، [ وقوله تعالى ]{[8948]} : { وأنزل لكم من السماء ماء } [ النمل : 60 ] .
[ وقوله تعالى ]{[8949]} : { خلق لكم ما في الأرض جميعا } [ البقرة : 29 ] ، [ وقوله تعالى ]{[8950]} : { وجعل لكم السمع والأبصار } [ النحل : 87و . . ] ونحو ذلك . فذلك كله كان{[8951]} تحت قوله { كن } فكان{[8952]} على ما أراد أن يكون{[8953]} في الأوقات ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { وكتبنا له في الألواح من كل شيء } يحتمل قوله تعالى : { من كل شيء } من أمره ونهيه وحلّه وحرامه .
وقوله تعالى : { موعظة } قال الموعظة هي التي تحمل القلوب على القبول والجوارح على العمل . قال بعضهم : الموعظة هي التي تنهى عما لا يحل . قال أبو بكر : الموعظة هي التي تلين القلوب القاسية ، وتدمع العيون الجامدة ، وتصلح الأعمال الفاسدة .
قال الشيخ ، رحمه الله : وعندنا الموعظة : هي [ التي ]{[8954]} تذكّر العواقب القاسية ، وتحمل{[8955]} على العمل بها .
وقوله تعالى : { وتفصيلا لكل شيء } قيل : تفصيلا لما أمروا به ، ونهوا عنه . وقيل : بيانا لكل ما يحتاج إليه .
وقوله تعالى : { فخذها بقوة } [ يحتمل ]{[8956]} أيضا وجهين : يحتمل قوله تعالى : { فخذها } أي اقبلها{[8957]} على ما ذكرنا في قوله تعالى : { فخذ ما آتيتك } [ الأعراف : 144 ] . ويحتمل : اعمل بما فيها .
وقوله تعالى : { بقوة } قال أهل التأويل : بجدّ ومواظبة . ولكن قوله تعالى : { فخذها بقوة } القوة المعروفة . وعلى قول المعتزلة : لا يكون أخذ قوة ، وقد أخبر أن أخذها بقوة ، لأنهم يقولون : إن القوة تكون قبل الفعل ، ثم يقولون : إنها لا تبقى وقتين . فيكون في الحاصل : لو كانت قبل الفعل أخذا بغير قوة . دل أنها مع الفعل .
وتقول المعتزلة : دلّ قوله تعالى : { فخذها بقوة } على أن القوة قد تقدمت الأمر بالأخذ . لكن لا يكون ما ذكروا لأنه أمر بأخذ بقوة ، دل أنها تقارن الفعل لا تتقدم .
وقوله تعالى : { وأمر قومك يأخذوا بأحسنها } يحتمل قوله تعالى : { يأخذوا } ما ذكرنا من الوجهين القبول أو العمل ، أي مرهم يقبلوا بأحسن القبول . ويحتمل مرهم يعملوا بأحسن ما فيها من الأمر والنهي والحلال والحرام . ويحتمل قوله تعالى : { بأحسنها } أي بما هو أحكم وأتقن أو بأحسن ممّا عمل به الأولون ؛ إذ فيه أخبار الأولين .
وقوله تعالى : { سأوريكم دار الفاسقين } قال بعض أهل التأويل : قال ذلك لبني إسرائيل : { سأوريكم دار الفاسقين } يعني سنة الفاسقين ، وهو الهلاك كقوله تعالى : { فقد مضت سنّة الأولين } [ الأنفال : 38 ] وسنّته في أهل الفسق والكفر الهلاك .
وقال ابن عباس رضي الله عنه : { سأوريكم دار الفاسقين } جهنم .
وأمكن أن يكون الخطاب للفسقة : { سأوريكم } يا أهل الفسق { دار الفاسقين } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.