تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَن يَهۡدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلۡمُهۡتَدِيۖ وَمَن يُضۡلِلۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ} (178)

الآية 178 وقوله تعالى : { من يهد الله فهو المهتدي } شهد الله تعالى من هداه فهو المهتدي ؛ أي من هداه الله في الدنيا فهو المهتدي في الآخرة { ومن يضلل } في الدنيا فهو الخاسر في الآخرة . فلو كانت{[9143]} الهداية البيان والأمر والنهي على ما ذكره قوم لكان الكافر والمؤمن في ذلك سواء ؛ إذ كان البيان والأمر والنهي للكافر على ما كان للمؤمن ، فلم يهتد .

فدل أن في ذلك من الله زيادة معنى للمؤمن ، لم يكن ذلك منه إلى الكافر ، وهو التوفيق والعصمة والمعونة . ولو كان ذلك للكافر لاهتدى [ كما اهتدى ]{[9144]} المؤمن . ولو كانت{[9145]} بيانا لكان ذلك البيان من الرسل وغيرهم{[9146]} على قولهم .

وكذلك قوله تعالى : { ومن يضلل } الله { فأولئك هم الخاسرون } أخبر أن من أضله فقد خسر . دل أنه كان منه زيادة معنى ، وهو الخذلان والترك ، أو خلق فعل الضلال .

وليس على ما يقوله المعتزلة : إنه قد هداهم جميعا ، لكن لم يهتدوا ، فيقال لهم : أنتم أعلم أم الله تعالى كما قال تعالى لليهود : { قل أأنتم أعلم أم الله } ؟ [ البقرة : 140 ] فظاهر الآية على خلاف ما يقولون ، ويذهبون .


[9143]:في الأصل وم: كان.
[9144]:ساقطة من الأصل وم.
[9145]:في الأصل وم: كان.
[9146]:في الأصل وم: وغيره.