تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثُمَّ كَانَ عَلَقَةٗ فَخَلَقَ فَسَوَّىٰ} (38)

الآيات 37و38و39 : وقوله تعالى : { ألم يك نطفة من منيّ يُمنى } { ثم كان علقة فخلق فسوّى } { فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى } والوجه فيه أن كل أحد يعلم أن نشوءه كان من نطفة ، وتلك النطفة لو رئيت موضوعة على طبق ، ثم اجتمع حكماء الأرض على أن يقدروا منها بشرا سويا كما قدره الله تعالى في تلك الظلمات لم يصلوا إليه أبدا ، وإن استفرغوا جهودهم ، وأنفدوا حيلهم وقواهم ، ولو أرادوا أن يتعرفوا المعنى الذي لذلك المعنى صلحت النطفة على أن ينشأ منها العلقة والمضغة إلى أن ينشأ بشر سوي عليه ، لعلموا{[22842]} أن من بلغت قدرته هذا ، هو أحكم الحاكمين .

ولو كان الأمر على ما زعموا أن لا بعث لم يكن هو أحكم الحاكمين ، بل كان واحدا من اللاعبين .

ويتبين مما ذكرنا أن قدرته{[22843]} لا توصف بالعجز ، ومن زعم أن قدرته لا تنتهي إلى البعث فقد وصف الرب بالعجز{ سبحانه وتعالى عما يشركون }[ الروم : 40والزمر : 67 ] .


[22842]:في الأصل و م: فيعلموا.
[22843]:أدرج قبلها في الأصل و م: الذي.