الآية 36 : وقوله تعالى : { أيحسب الإنسان أن يترك سدى }[ فيه وجهان :
أحدهما : ]{[22838]} جائز أن يكون هذا الإنسان دهري المذهب ، فيكون قوله تعالى : { أيحسب الإنسان } على حقيقة الحسبان لأنه يحسب أن لا بعث ولا حساب ، وقد كان في أهل مكة من هو دهري المذهب ، وإن كان الخطاب في قوله : { أيحسب الإنسان أن يترك سدى } ليس على تحقيق الحسبان . ولكن معناه : أتفعل فعل من يؤذن عن أمر كان فعله موافقا لفعل من يحسب أن يترك سدى ؟ كما ذكرنا في قوله تعالى : { بل يريد الإنسان ليفجر أمامه }[ القيامة : 5 ] وهو لا يريد أن يكون فاجرا في الحقيقة ، ولكن يفعل فعل من يعقب فعله الفجور ، وهو كقوله : { وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا }[ ص : 27 ] وليس على حقيقة الظن . ولكن إذا لم يقل بالبعث ، ولم يؤمن به ، فقد وصف أن خلقهما إذن على باطل ، وذلك الفعل الذي ذكرنا يكون في ترك الإيمان بالبعث وفي جمود الرسالة ، لأن المحاسن لابد من أن يكون لها عواقب ، وكذلك المساوئ .
ثم تمرّ هذه الدار على المسيء والمحسن مرا واحدا ، فلا بد من أن يكون بعدها{[22839]} دار أخرى ، فيها تتبين مرتبة المحسن ومدار{[22840]} المسيء . فمن{[22841]} لم يؤمن بالبعث فهو لم يجعل للمحاسن والمساوئ عواقب ، وسوى بين مرتبة المسيء ومرتبة المحسن ، وذلك عبث .
والثاني : أن من عرف أنه لم يخلق عبثا ، ولا يترك/ 618 – أ/ سدى فلابد لمثله من أن يرغب ، ويرهب ، ويؤمر ، وينهى ، ولا يعرف ذلك إلا بالرسول ، والضرورة أحوجت إلى رسول يبين لهم ما يأتون وما يتقون وما يرغبون في مثله وعما يحذرون . فمن أنكر الرسالة فقد أهمل نفسه عن المرغوب والمرهوب وعن الأمر والنهي ، وذلك حال من خلق سدى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.