النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَئِنۡ أَخَّرۡنَا عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابَ إِلَىٰٓ أُمَّةٖ مَّعۡدُودَةٖ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحۡبِسُهُۥٓۗ أَلَا يَوۡمَ يَأۡتِيهِمۡ لَيۡسَ مَصۡرُوفًا عَنۡهُمۡ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (8)

قوله عز وجل : { ولئن أخّرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة } فيه وجهان :

أحدهما : يعني إلى فناء أمة معلومة ، ذكره علي بن عيسى .

الثاني : إلى أجل معدود ، قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة وجمهور المفسرين . وتكون الأمة{[1358]} عبارة عن المدة ، واصلها الجماعة فعبر بها عن المدة لحلولها في مدة .

{ ليقولن ما يحبسه } يعني العذاب . وفي قولهم ذلك وجهان :

أحدهما : أنهم قالوا ذلك تكذيباً للعذاب لتأخره عنهم .

الثاني : أنهم قالوا ذلك استعجالاً للعذاب واستهزاء ، بمعنى ما الذي حبسه عنا ؟


[1358]:الأمة لفظ مشترك يجيء على ثمانية معان: فالأمة بمعنى الجماعة كقوله تعالى: وجد عليه أمة من الناس يسقون. وبمعنى اتباع الأنبياء. وبمعنى الرجل الجامع للخير الذي يقتدى به كقوله تعالى: أن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا. والأمة الدين والملة كقوله تعالى: أنا وجدنا آباءنا على أمة. والأمة الحين والزمان كهذه الآية. والأمة قامة الإنسان. والأمة الرجل المنفرد بدينه كقوله عليه السلام: يبعث زيد بن عمرو بن نفيل أمة وحده. والأمة: الأم يقال هذه أمة زيد أي والدته.