البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَئِنۡ أَخَّرۡنَا عَنۡهُمُ ٱلۡعَذَابَ إِلَىٰٓ أُمَّةٖ مَّعۡدُودَةٖ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحۡبِسُهُۥٓۗ أَلَا يَوۡمَ يَأۡتِيهِمۡ لَيۡسَ مَصۡرُوفًا عَنۡهُمۡ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (8)

ولئن أخرنا حكى تعالى نوعاً آخر من أباطيلهم واستهزائهم ، والعذاب هنا عذاب القيامة .

وقيل : عذاب يوم بدر .

وعن ابن عباس : قتل جبريل المستهزئين ، والظاهر العذاب الموعود به ، والأمّة هنا المدة من الزمان قاله : ابن عباس ، وقتادة ، ومجاهد ، والجمهور ، ومعناه : إلى حين .

ووقت معلوم ما يحبسه استفهام ، قالوه وهو على سبيل التكذيب والاستهزاء .

قال الطبري : سميت المدة أمة ، لأنها يقضي فيها أمة من الناس وتحدث أخرى ، فهي على هذا المدة الطويلة ، ثم استفتح الأخبار بأنه يوم لا يردّه شيء ولا يصرفه .

والظاهر أنّ يوم منصوب بقوله : مصروفاً ، فهو معمول لخبر ليس .

وقد استدل به على جواز تقديم خبر ليس عليها قالوا : لأن تقدم المعمول يؤذن بتقدم العامل ، ونسب هذا المذهب لسيبويه ، وعليه أكثر البصريين .

وذهب الكوفيون والمبرد : إلى أنه لا يجوز ذلك ، وقالوا : لا يدل جواز تقدم المعمول على جواز تقدم العامل .

وأيضاً فإنّ الظرف المجرور يتسع فيهما ما لا يتسع في غيرهما ، ويقعان حيث لا يقع العامل فيهما نحو : إن اليوم زيداً مسافر ، وقد تتبعت جملة من دواوين العرب فلم أظفر بتقدم خبر ليس عليها ، ولا بمعموله ، إلا ما دل عليه ظاهر هذه الآية ، وقول الشاعر :

فيأبى فما يزداد إلا لجاجه *** وكنت أبياً في الخفا لست أقدم

وتقدم تفسير جملة وحاق بهم .