فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَٰقَوۡمِ لَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شِقَاقِيٓ أَن يُصِيبَكُم مِّثۡلُ مَآ أَصَابَ قَوۡمَ نُوحٍ أَوۡ قَوۡمَ هُودٍ أَوۡ قَوۡمَ صَٰلِحٖۚ وَمَا قَوۡمُ لُوطٖ مِّنكُم بِبَعِيدٖ} (89)

قوله : { ويا قوم لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي } قال الزجاج : معناه لا يكسبنكم شقاقي إصابة العذاب إياكم ، كما أصاب من كان قبلكم . وقيل : معناه : لا يحملنكم شقاقي ، والشقاق : العداوة ، ومنه قول الأخطل :

ألا من مبلغ عني رسولا *** فكيف وجدتم طعم الشقاق

و { أَن يُصِيبَكُمُ } في محل نصب على أنه مفعول ثان ليجرمنكم { مثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ } من الغرق { أَوْ قَوْمَ هُودٍ } من الريح { أَوْ قَوْمَ صالح } من الصيحة ، وقد تقدّم تفسير يجرمنكم وتفسير الشقاق { وَمَا قَوْمُ لُوطٍ منكُم بِبَعِيدٍ } يحتمل أن يريد ليس مكانهم ببعيد من مكانكم ، أو ليس زمانهم ببعيد من زمانكم ، أو ليسوا ببعيد منكم في السبب الموجب لعقوبتهم ، وهو مطلق الكفر ، وأفرد لفظ { بَعِيدٍ } لمثل ما سبق في { وَمَا هِي مِنَ الظالمين بِبَعِيدٍ } .

/خ95