النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَٰنِ وَإِيتَآيِٕ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ وَٱلۡبَغۡيِۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (90)

قوله عز وجل : { إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان . . . } الآية . في تأويل هذه الآية ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن العدل : شهادة أن لا إله إلا الله ، والإحسان : الصبر على أمره ونهيه ، وطاعة الله في سره وجهره . { وإيتاء ذي القربى } ، صلة الرحم ، { وينهى عن الفحشاء } ، يعني : الزنى ، { والمنكر } ، القبائح . { والبغي } ، الكبر والظلم ، حكاه ابن جرير الطبري .

الثاني : أن العدل : القضاء بالحق ، والإحسان : التفضل بالإنعام ، وإيتاء ذي القربى : ما يستحقونه من النفقات . وينهى عن الفحشاء ما يستسر بفعله من القبائح . والمنكر : ما يتظاهر به منها فينكر . والبغي : ما يتطاول به من ظلم وغيره ، وهذا معنى ما ذكره ابن عيسى .

الثالث : أن العدل هاهنا استواء السريرة والعلانية في العمل لله . والإحسان أن تكون سريرته أحسن من علانيته . والفحشاء والمنكر : أن تكون علانيته أحسن من سريرته ، قاله سفيان بن عيينة . فأمر بثلاث ، ونهى عن ثلاث .

{ يعظكم لعلكم تذكرون } ، يحتمل وجهين : أحدهما : تتذكرون ما أمركم به وما نهاكم عنه .

الثاني : تتذكرون ما أعده من ثواب طاعته وعقاب معصيته .