النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُۥ عَلَىٰٓ أَمۡرٖ جَامِعٖ لَّمۡ يَذۡهَبُواْ حَتَّىٰ يَسۡتَـٔۡذِنُوهُۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَـٔۡذِنُونَكَ أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ فَإِذَا ٱسۡتَـٔۡذَنُوكَ لِبَعۡضِ شَأۡنِهِمۡ فَأۡذَن لِّمَن شِئۡتَ مِنۡهُمۡ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمُ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (62)

قوله تعالى : { . . . . وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ } فيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن الأمر الجامع الجمعة والعيدان والاستسقاء وكل شيء يَكون فيه الخطبة ، قاله يحيى بن سلام .

الثاني : أنه الجهاد ، قاله زيد بن أسلم .

الثالث : طاعة الله ، قاله مجاهد .

{ لَّمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يستأذنوه } أي لم ينصرفوا عنه حتى يستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه .

{ فَإِذَا استأذنوك لبَعْضِ شَأنِهِمْ . . . . } الآية . وهذا بحسب ما يرى من أعذارهم ونياتهم وروى أن هذا نزل في عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان مع النبي صلى الله عليهم وسلم في غزاة تبوك فاستأذنه في الرجوع إلى أهله فقال : " انْطَلِقْ فَوَاللَّهِ مَا أَنتَ بِمُنَافِقٍ وَلاَ مُرْتَابٍ " ، وكان المنافقون إذا استأذنوا نظر إليهم ولم يأذن لهم فكان بعضهم يقول لبعض : محمدٌ يزعم أنه بُعِث بالعدل وهكذا يصنع بنا .

{ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ } يعني لمن أذن له من المؤمنين ليزول عنهم باستغفاره ملامة الانصراف . قال قتادة : وهذه الآية ناسخة قوله تعالى : { عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُم } الآية .