ثم ذكر النوع الثالث بقوله تعالى : { وهو } أي : وحده { الذي أرسل الرياح } وقرأه ابن كثير بالإفراد لإرادة الجنس وقرأه الباقون بالجمع لكونها تارة صبا وتارة دبوراً وتارة شمالاً وتارة جنوباً وغير ذلك ، ويسن الدعاء عند هبوب الريح ويكره سبها لخبر «الريح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله خيرها ، واستعيذوا بالله من شرها » رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن ، وقوله تعالى : { نشراً } قرأه نافع وابن كثير وأبو عمرو بضم النون والشين أي : ناشرات للسحاب ، وقرأه ابن عامر بضم النون وسكون الشين على التخفيف ، وقرأه عاصم بالباء الموحدة مضمومة وسكون الشين جمع بشور بمعنى مبشر ، وقرأه حمزة والكسائي بفتح النون وسكون الشين على أنه مصدر وصف به { بين يدي رحمته } أي : قدام المطر ، ولما كان الماء مسبباً عما تحمله الريح من السحاب أتبعه به بقوله تعالى : { وأنزلنا } أي : بما لنا من العظمة { من السماء } أي : من السحاب أو الجرم المعهود { ماء } ثم أبدل منه بياناً للنعمة به ، فقال تعالى : { طهوراً } أي : طاهراً في نفسه مطهراً لغيره كما قال تعالى في آية أخرى : { ليطهّركم به } ( الأنفال ، 11 ) ، فهو اسم لما يتطهر به كالوضوء لما يتوضأ به ، وكالسحور اسم لما يتسحر به والفطور اسم لما يفطر به . قال صلى الله عليه وسلم في البحر : «هو الطهور ماؤه الحل ميتته » أراد به المطهر فالماء المطهر ؛ لأنه يطهر الإنسان من الحدث والخبث .
وذهب بعض الأئمة إلى أن الطهور هو الطاهر حتى جوّز إزالة النجاسة بالمائعات الطاهرة مثل الخل ، وردّ بأنه لو جاز إزالة النجاسة بها لجاز إزالة الحدث بها ، وذهب بعض منهم إلى أن الطهور ما يتكرر به التطهير ، كالصبور اسم لمن يتكرر منه الصبر ، والشكور اسم لمن يتكرر منه الشكر ، حتى جوّز الوضوء بالماء الذي يتوضأ به مرة بعد مرة وردَّ بأن فعولاً يأتي اسماً للآلة كسحور لما يتسحر به كما مر فيجوز أن يكون طهور كذلك ، ولو سلم اقتضاؤه التكرر فالمراد جمعاً بين الأدلة فإن الصحابة رضي الله عنهم لم يجمعوا الماء في أسفارهم القليلة الماء ، بل عدلوا عنه إلى التيمم ثبوت ذلك لجنس الماء أو في المحل الذي كان يمر عليه فإنه يطهر كل جزء منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.