النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مَنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِقِنطَارٖ يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيۡكَ وَمِنۡهُم مَّنۡ إِن تَأۡمَنۡهُ بِدِينَارٖ لَّا يُؤَدِّهِۦٓ إِلَيۡكَ إِلَّا مَا دُمۡتَ عَلَيۡهِ قَآئِمٗاۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لَيۡسَ عَلَيۡنَا فِي ٱلۡأُمِّيِّـۧنَ سَبِيلٞ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ} (75)

قوله تعالى : { وَمِن أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ{[550]} بِقِنطَارٍ يُؤَدِّه إِلَيكَ } اختلفوا في دخول الباء على القنطار والدينار على قولين :

أحدهما : أنها دخلت لإلصاق الأمانة كما دخلت في قوله تعالى :

{ وَلِيَطَّوَّفُوا بِالْبَيتِ الْعَتِيقِ }

[ الحج :29 ] .

والثاني : أنها بمعنى ( على ) وتقديره : ومن أهل الكتاب من إن تأمنه على قنطار .

{ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيهِ قَائِماً } فيه ثلاثة تأويلات :

أحدها : إلا ما دمت عليه قائماً بالمطالبة والاقتضاء ، وهذا قول قتادة ، ومجاهد .

والثاني . بالملازمة .

والثالث : قائماً على رأسه ، وهو قول السدي .

{ ذَلِكَ بِأَنَّهُم قَالُوا : لَيسَ عَلَينَا فِي الأُمِّيِينَ سَبِيلٌ } يعني في أموال العرب ، وفي سبب استباحتهم له قولان :

أحدهما : لأنهم مشركون{[551]} من غير أهل الكتاب ، وهو قول قتادة ، والسدي .

والثاني : لأنهم تحولوا{[552]} عن دينهم الذي عاملناهم عليه ، وهذا قول الحسن وابن جريج ، وقد روى سعيد بن جبير قال : لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كَذَّبَ اللهُ أَعْدَاءَ اللهِ ، مَا مِن شَيءٍ كَانَ في الجَاهِليَّةِ إلاَّ وَهُوَ تَحتَ قَدَميَّ إلاَّ الأمَانَةَ فَإنَّها مُؤَدَّاةٌ إِلَى الَبر وَالفَاجِرِ " .


[550]:- مثل عبد الله بن سلام.
[551]:- هكذا بالأصول والمعنى: أن أهل الكتاب يعتبرون غيرهم مشركين ولذا يستبيحون أموالهم.
[552]:- يقال أن اليهود كانوا قد استدانوا من الأعراب أموالا، فلما أسلم أرباب الحقوق قالت اليهود: ليس لكم علينا شيء لأنكم تركتم دينكم فسقط عنا دينكم.