النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَا تُؤۡمِنُوٓاْ إِلَّا لِمَن تَبِعَ دِينَكُمۡ قُلۡ إِنَّ ٱلۡهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ أَن يُؤۡتَىٰٓ أَحَدٞ مِّثۡلَ مَآ أُوتِيتُمۡ أَوۡ يُحَآجُّوكُمۡ عِندَ رَبِّكُمۡۗ قُلۡ إِنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۗ وَٱللَّهُ وَٰسِعٌ عَلِيمٞ} (73)

قوله تعالى : { وَلاَ تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَن تَبعَ دِينَكُمْ } فيه قولان :

أحدهما : معناه لا تصدقوا إلا لمن تبع دينكم .

والثاني : لا تعترفوا بالحق إلا لمن تبع دينكم .

واخْتُلِفَ في تأويل ذلك على قولين :

أحدهما : أنهم كافة اليهود ، قال ذلك بعضهم لبعض ، وهذا قول السدي ، وابن زيد .

والثاني : أنهم يهود خيبر قالوا ذلك ليهود المدينة ، وهذا قول الحسن .

واختلف في سبب نهيهم أن يؤمنوا إلا لِمَنْ تَبعَ دينهم على قولين :

أحدهما : أنهم نُهُوا عن ذلك لِئَلاً يكون طريقاً لعبدة الأوثان إلى تصديقه ، وهذا قول الزجاج .

والثاني : أنهم نُهُوا عن ذلك لِئَلاَّ يعترفوا به فيلزمهم العمل بدينه{[549]} لإقرارهم بصحته .

{ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللَّهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ } فيه قولان :

أحدهما : أن في الكلام حذفاً ، وتقديره : قل إن الهدى هدى الله ألا يُؤْتَى أحدٌ مثل ما أوتيتم أيها المسلمون ، ثم حذف " لا " من الكلام لدليل الخطاب عليها مثل قوله تعالى :

{ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا }

[ النساء :176 ] أي لا تضلوا ، وهذا معنى قول السدي ، وابن جريج . والثاني : أن معنى الكلام : قل إن الهدى هدى الله فلا تجحدوا أن يُؤْتى أحد مثل ما أوتيتم .

{ أَوْ يُحَآجُّوكُم عِندَ رَبِّكُم } فيه قولان :

أحدهما : يعني ولا تؤمنوا أن يُحَاجّوكم عند ربكم لأنه لا حجة لهم ، وهذا قول الحسن ، وقتادة .

والثاني : إن معناه حتى يُحَاجُّوكم عند ربكم ، على طريق التبعيد ، كما يقال : لا تلقاه أو تقوم الساعة ، وهذا قول الكسائي ، والفراء .


[549]:- في ك لاعترافهم، والمعنى واحد.