النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كَانَ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِ وَكَفَرۡتُم بِهِۦ وَشَهِدَ شَاهِدٞ مِّنۢ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ عَلَىٰ مِثۡلِهِۦ فَـَٔامَنَ وَٱسۡتَكۡبَرۡتُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (10)

قوله عز وجل : { قُل أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَكَفَرْتُم بِهِ } فيه قولان :

أحدهما : إن كان القرآن من عند الله وكفرتم به ، قاله يحيى .

الثاني : إن كان محمد صلى الله عليه وسلم نبياً من عند الله وكفرتم به ، قاله الشعبي .

{ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَني إِسْرَآئِيلَ عَلَى مِثْلِهِ } فيه خمسة أقاويل :

أحدها : أنه عبد الله بن سلام شهد على اليهود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مذكور في التوراة ، قاله ابن عباس ، وعكرمة ، وقتادة ، ومجاهد .

الثاني : أنه آمين بن يامين ، قال لما أسلم عبد الله بن سلام : أنا شاهد مثل شهادته ومؤمن كإيمانه ، قاله السدي .

الثالث : أن موسى مثل محمد صلى الله عليه وسلم يشهد بنبوته ، والتوراة مثل القرآن يشهد بصحته ، قاله مسروق . ولم يكن في عبد الله بن سلام لأنه أسلم بالمدينة والآية مكية .

الرابع : هو من آمن من بني إسرائيل بموسى والتوراة ، لأن محمدا مثل موسى ، والقرآن مثل{[2610]} التوراة ، قاله الشعبي .

الخامس : أنه موسى الذي هو مثل محمد صلى الله عليهما شهد على التوراة . التي هي مثل القرآن ، حكاه ابن عيسى .

{ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ } أنتم عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم ، قاله مسروق{[2611]} .

وفي قولان :

أحدهما : فآمن عبد الله بن سلام برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالقرآن واستكبر الباقون عن الإيمان ، قاله ابن عباس .

الثاني : فآمَن مَن آمن بموسى وبالتوراة واستكبرتم أنتم عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، قاله مسروق . وحكى النقاش أن في الآية تقديماً وتأخيراً تقديره : قل أرأيتم إن كان من عند الله وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن هو وكفرتم .

وقال ابن عيسى : الكلام على سياقه ولكن حذف منه جواب إن كان من عند الله . وفي المحذوف ثلاثة أوجه :

أحدها : تقديره : وشهد شاهد من بني إسرائيل فآمن ، أتؤمنون ؟ قاله الزجاج .

الثاني : تقدير المحذوف : فآمن واستكبرتم أفما تهلكون ، قاله مذكور .

الثالث : تقدير المحذوف من جوابه : فمن أضل منكم إن الله لا يهدي القوم الظالمين .


[2610]:في ع مثل كالتوراة.
[2611]:ساقطة من ك وسيأتي وما يفيد تكرارها.