النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞وَٱذۡكُرۡ أَخَا عَادٍ إِذۡ أَنذَرَ قَوۡمَهُۥ بِٱلۡأَحۡقَافِ وَقَدۡ خَلَتِ ٱلنُّذُرُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦٓ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَ إِنِّيٓ أَخَافُ عَلَيۡكُمۡ عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ} (21)

قوله عز وجل : { وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ } وهو هود بعث إلى عاد ، وكان أخاهم في النسب لا في الدين لأنه مناسب وإن لم يكن أخا أحد منهم .

{ إذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالأحْقَافِ } وهي جمع حقف ، وهو ما استطال واعوج من الرمل العظيم ، ولا يبلغ أن يكون جبلاً . ومنه قول العجاج :

بات إلى أرطاة حقف أحقفا

أي رمل مستطيل مشرف .

وفيما أريد بالأحقاف هنا خمسة أقاويل :

أحدها : أن الأحقاف رمال مشرقة كالجبال ، قاله ابن زيد ، وشاهده ما تقدم . وقال هي رمال مشرقة على البحر بالسحر في اليمن .

الثاني : أن الأحقاف أرض من حسمي تسمى الأحقاف ، قاله مجاهد .

الثالث : أنه جبل بالشام يسمى الأحقاف ، قاله الضحاك .

الرابع : هو ما بين عمان وحضرموت ، قاله ابن إسحاق .

الخامس : هو واد بين عُمان ومهرة ، قاله ابن عباس .

وروى أبو الطفيل عن علي كرم الله وجهه أنه قال : خير وادبين في الناس واد بمكة ، وواد نزل به آدم بأرض الهند ، وشر واديين في الناس وادي الأحقاف ، ووادٍ بحضرموت يدعى برهوت{[2628]} تلقى فيه أرواح{[2629]} الكفار . وخير بئر في الناس بئر زمزم ، وشر بئر في الناس بئر برهوت{[2630]} وهي ذلك الوادي الذي حضرموت .

{ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلفِهِ } أي قد بعث الرسل من قبل هود ومن بعده ، قال الفراء : من بين يديه من قبله ، ومن خلفه من بعده وهي في قراءة ابن مسعود : { مِنْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمِنْ بَعدِهِ } .


[2628]:برهوت: واد بحضرموت فيه بئر يتصاعد منها لهيب الإسفلت مع صوت الغليان وروائح كريهة.
[2629]:في ك يلقى فيه الكفار.
[2630]:في الأصول بئر بلهوث وهو تحريف من النساخ فقد أوردته كتب التفسير بالراء والسياق هنا يؤكد ذلك.