النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَيِّنَٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَنزَلۡنَا ٱلۡحَدِيدَ فِيهِ بَأۡسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلۡغَيۡبِۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} (25)

{ وَأنزَلنَا الحَدِيدَ } فيه قولان :

أحدهما : أن الله أنزله مع آدم . روى عكرمة عن ابن عباس قال : ثلاث أشياء نزلت مع آدم : الحجر الأسود ، كان أشد بياضاً من الثلج ، وعصا موسى وكانت من آس الجنة ، طولها عشرة أذرع مثل طول موسى ، والحديد ، أنزل معه ثلاثة أشياء : السندان والكلبتان والميقعة وهي المطرقة .

الثاني : أنه من الأرض غير منزل من السماء ، فيكون معنى قوله :

{ وَأَنزَلنَا } محمولاً على أحد وجهين :

أحدهما : أي أظهرناه .

الثاني : لأن أصله من الماء المنزل من السماء فينعقد في الأرض جوهره حتى يصير بالسبك حديداً .

{ فِيهِ بَأسٌ شَدِيدٌ } فيه وجهان :

أحدهما : لأن بسلاحه وآلته تكون الحرب التي هي بأس شديد .

الثاني : لأن فيه من خشية القتل خوفاً شديداً .

{ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ } يحتمل وجهين :

أحدهما : ما تدفعه عنهم دروع الحديد من الأذى وتوصلهم إلى الحرب والنصر .

الثاني : ما يكف عنهم من المكروه بالخوف منه .

وقال قطرب : البأس السلاح ، والمنفعة الآلة{[2918]} .


[2918]:أي من نحو سكين وفأس وإبرة وغيرها. وقد ظهرت منافع الحديد جلية في عصرنا حيث الآلات الضخمة ووسائل النقل والمصانع بل إن الصناعات الثقيلة تعتمد على الحديد بشكل أساسي.