النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدۡ صَغَتۡ قُلُوبُكُمَاۖ وَإِن تَظَٰهَرَا عَلَيۡهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ مَوۡلَىٰهُ وَجِبۡرِيلُ وَصَٰلِحُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ} (4)

{ إن تَتوبا إلى اللَّهِ فَقدْ صَغَتْ قلوبُكما } يعني بالتوبة اللتين تظاهرتا وتعاونتا من نساء النبي صلى الله عليه وسلم على سائرهن وهما عائشة وحفصة .

وفي " صغت " ثلاثة أقاويل :

أحدها : يعني زاغت ، قاله الضحاك .

الثاني : مالت ، قاله قتادة ، قال الشاعر :

تُصْغِي القلوبُ إلى أَغَرَّ مُبارَكٍ *** مِن نَسْلِ عباس بن عبد المطلب

والثالث : أثمت ، حكاه ابن كامل .

وفيما أوخذتا بالتوبة منه وجهان :

أحدهما : من الإذاعة والمظاهرة .

الثاني : من سرورهما بما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم من التحريم ، قاله ابن زيد .

{ وإن تَظَاهَرا عليه } يعني تعاونا على معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم .

{ فإن الله هو مولاه } يعني وليه { وجبريل } يعني وليه أيضاً .

{ وصالحُ المؤمنين } فيهم خمسة أقاويل :

أحدها : أنهم الأنبياء ، قاله قتادة وسفيان .

الثاني : أبو بكر وعمر ، قال الضحاك وعكرمة : لأنهما كانا أبوي عائشة وحفصة وقد كانا عونا له عليهما .

الثالث : أنه عليّ .

الرابع : أنهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قاله السدي .

الخامس : أنهم الملائكة ، قاله ابن زيد .

ويحتمل سادساً : أن صالح المؤمنين من وقى دينه بدنياه .

{ والملائكةُ بعَدَ ذلك ظهيرٌ } يعني أعواناً للنبي صلى الله عليه وسلم ، ويحتمل تحقيق تأويله وجهاً ثانياً : أنهم المستظهر بهم عند الحاجة إليهم .