الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدۡ صَغَتۡ قُلُوبُكُمَاۖ وَإِن تَظَٰهَرَا عَلَيۡهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ مَوۡلَىٰهُ وَجِبۡرِيلُ وَصَٰلِحُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ} (4)

والمخاطبة بقوله : { إِن تَتُوبَا إِلَى الله } هي لحفصةَ وعائشةَ ، وفي حديثِ البخاريّ ، وغيره عن ابن عباس قال : قلت لعمر : من اللتان تَظَاهَرَتَا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ؟ قال : حفصةُ وعائشةُ .

وقوله : { صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } معناه مَالَتْ ، والصُّغْيُ الميلُ ، ومنه أَصْغَى إليه بأُذُنِه ، وأصْغَى الإنَاءَ ، وفي قراءة ابن مسعود : ( فَقَدْ زَاغَتْ قُلُوبُكُما ) والزيغُ : الميلُ وعُرْفُه في خِلاَفِ الحَقّ ، وجَمَعَ القلوبَ مِن حيثُ الاثنانِ جَمْعٌ ، ( ص ) : { قُلُوبُكُمَا } القياسُ فيه : قلباكما مُثَنَّى ، والجمعُ أكْثَرُ استعمالاً وحسْنُه إضافَتُه إلى مثنًى ، وهو ضميرُهما ؛ لأنَّهُمْ كَرِهُوا إجماعَ تَثْنِيَتَيْنِ ، انتهى . ومعنى الآيةِ إن تُبْتُما فَقَدْ كَانَ مِنكُمَا مَا يَنْبَغِي أنْ يُتَابَ منه ، وهذا الجوابُ الذي للشَّرْطِ هُو متقدمٌ في المعنى ، وإنما تَرتَّبَ جَوَاباً في اللفظِ ، { وَإِن تَظَاهَرَا } معناه : تَتَعَاوَنَا وأصل : { تَظَاهَرَا } تَتَظَاهَرَا ، و{ مَوْلاهُ } أي : ناصرُه ، { وَجِبْرِيلُ } ومَا بعدَه يحتملُ أنْ يكونَ عَطْفاً على اسمِ اللَّهِ ، ويحتملُ أنْ يكونَ جبريلُ رَفْعاً بالابتداءِ وَمَا بَعْدَهُ عَطْفٌ عَلَيْهِ و{ ظَهِيرٌ } هُو الخَبَرُ .