الآية 4 وقوله تعالى : { إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما } في هذه الآية دلالة أن الحديث الذي أفشي كان بين زوجتين لقوله : { إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما } كان أسر النبي صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما ، ومنعها أن تفشي إلى الأخرى ، فأفشت .
لكنا لا نعلم أن ذلك الحديث كان [ ماذا ؟ لكنه كان ]{[21572]} منهما ما يجوّز أن تعاتبا ، وتدعيا إلى التوبة لقوله : { إن تتوبا إلى الله } وإن خفي علينا .
ثم إن عرفنا أن الله جعل عقوبتهن وتأديبهن أشد من العقوبة على غيرهن بقوله : { من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين } [ الأحزاب : 30 ] فيجوز أن يندبن إلى التوبة بأدنى زلة ، حقها التجاوز عن غيرهن .
ثم قوله تعالى : { إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما } فجائز أن يكون قوله : { إن } زيادة في الكلام ، وحقه الحذف ، فيكون معناه : توبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ، ويوقف عليه ، ثم يبدأ بقوله : { وإن تظاهرا عليه } .
وجائز أن يكون حقه الإثبات ، فلا يكون حرف { إن }زيادة ، ويكون معناه : إن تتوبا إلى الله ، وإلا { فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين } فيكون الجزاء فيه مضمرا .
وجائز أن يكون جزاء صنيعهن أن يطلقهن ، فكأنه قال : إن تتوبا إلى الله وإلا طلقكن ، فيكون في هذا أنه حبّب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهن حتى اشتد عليهن الطلاق ، وخرج الطلاق مخرج العقوبة لهن على صنيعهن ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { فقد صغت قلوبكما } أي مالت عن الحق الذي لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليكما ، وحق الرسول صلى الله عليه وسلم حق التعظيم ، يرد فيه العتاب بأدنى تقصير .
وقوله تعالى : { وإن تظاهرا عليه } هذا في الظاهر معاتبة ، فينبغي أن يذكر على المخاطبة ، فيقال : إن تظاهرتما عليه كما قال تعالى : { إن تتوبا إلى الله } قيل : جائز أن يكون معنى قوله : { إن تتوبا إلى الله } تابتا ، ورجعتا على إرادة المعاتبة ، وإن كان اللفظ لفظ المخاطبة .
ولكن الصحيح أن قوله : { وإن تظاهرا عليه } على المخاطبة ، معناه : وإن تتظاهرا ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { فإن الله هو مولاه } حق هذا أن نقف عليه ، ثم نقول : { وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرا } حتى لا يتوهم أن غير الله مولاه .
ثم ذكر هذا أبلغ{[21573]} في التهويل ، وإلا كان{[21574]} من هؤلاء المذكورين يكفي لأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك في ذكر عقوبتهن ، إذا وجد منهن الخلاف بقوله : { يضاعف لها العذاب ضعفين } .
والأصل أن المبالغة في التأديب مما يعين المؤدب على حفظ الحدود . وكذلك المجاوزة في حد العقوبة معونة له في تأديب النفس حتى يملك حفظ نفسه عما تدعو إليه نفسه .
وقوله تعالى : { وصالح المؤمنين } قيل : أبو بكر وعمر رضي الله عنه وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما طلق حفصة دخل عليها عمر رضي الله عنه فقال : لو علم الله تعالى في آل عمر خيرا ما طلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل جبريل عليه السلام /579 – ب / على رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره بمراجعتها ، وذكر أنها صوّامة قوّامة . فجائز أن تكون حفصة رضي الله عنها تصوم النهار ، وتقوم الليل في غير نوبتها ، فلا يعلم بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلعه جبريل عليه السلام على ذلك .
وروي عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
{ وصالح المؤمنين } أبو بكر وعمر رضي الله عنه وقيل : هم الأنبياء والرسل رضي الله عنهم .
وذكر عن الحسن أنه قال : { وصالح المؤمنين } من لم يسر نفاقا ، ولا أظهر فسقا ، ثم خص من المؤمنين الصالحين منهم ، ولم يعم جملة المؤمنين .
فهذا ، والله أعلم ، لأنه لو ذكر المؤمنين على الإجمال لدخلت فيه الزوجتان اللتان تظاهرتا ، لأن إصغاء القلب ، لا يخرجهما عن أن تكونا من جملة المؤمنين ، ولأنه ذكر هذا في موضع المعونة في أمر الدين { وصالح المؤمنين } هم الذين يقومون بالمعونات في أمر الدين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.