قوله تعالى : { إِن تَتُوبَا إِلَى الله } يعني : عائشة وحفصة ، { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } يعني : مالت قلوبكما عن الحق . وذكر عن الفراء أنه قال : معناه إن لا تتوبا إلى الله ، { فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } عن الحق ، ويقال : فيه مضمر ، ومعناه : إن تتوبا إلى الله يقبل الله توبتكما ، ويقال معناه إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما يعني : مالت إلى الحق . وروى الزهري ، عن عبد الله بن عباس قال : كنت مع عمر رضي الله عنه حين حج ، فلما كنا في بعض الطريق ، نزل في موضع ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، من المرأتان اللتان قال الله تعالى : { إِن تَتُوبَا إِلَى الله } ؟ فقال عمر رضي الله عنه واعجبا لك يا ابن عباس . قال الزهري : كأنه كره ما سأله عنه ، ولم يكتمه . قال : هي حفصة وعائشة رضي الله عنهما ثم قال : كنا معشر قريش قوماً نغلب النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفقن نساؤنا يتعلمن من نسائهم . فغضبت يوماً على امرأتي ، فإذا هي تراجعني . فأنكرت أن تراجعني ، فقالت ما تنكر أن أراجعك ، فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لتراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل ، فدخل على حفصة ، فذكرت لها ، فقالت : نعم . فقلت : قد خاب من فعل ذلك منكن وخسرت ، أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله ؟ لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا تسأليه شيئاً ، واسأليني ما بدا لك .
قال : كان لي جار من الأنصار يأتيني بخبر الوحي ، وأتاه بمثل ذلك . قال : فأتاني يوماً فناداني ، فخرجت إليه ، فقال : حدث أمر عظيم . فقلت : ماذا ؟ قال : طلق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه ، فقلت : خابت حفصة وخسرت . فدخلت على حفصة وهي تبكي ، فقلت : أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : لا أدري ، هو ذا معتزلاً في هذه المشربة .
فأتيته ، فدخلت فسلمت عليه ، فإذا هو متكئ على رمل حصير . قد أثر في جنبه ، فقلت : أطلقت نساءك يا رسول الله ؟ قال : لا . فقلت : الله أكبر ، لو رأيتنا يا رسول الله ، وكنا معشر قريش نغلب النساء ، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يتعلمن . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان أقسم أن لا يدخل شهراً عليهن ، حتى نزل : { يا أيها النبي لِمَ تُحَرّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ } إلى قوله تعالى : { إِن تَتُوبَا إِلَى الله فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } .
ثم قال : { وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ } يعني : تعاونا على أذاه ومعصيته ، فيكون مثلكما كمثل امرأة نوح وامرأة لوط ، تعملان عملاً تؤذيان بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . قرأ عاصم ، وحمزة ، والكسائي { تظاهر } بالتخفيف ، وقرأ نافع وأبو عمرو بالتشديد ، وكذلك ابن كثير وابن عامر في إحدى الروايتين ، لأن أصله تتظاهر . { فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مولاه } يعني : وليه وناصره . { وَجِبْرِيلُ وصالح الْمُؤْمِنِينَ } يعني : أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وأصحابه رضي الله عنهم قال : حدثنا الفقيه ابن جعفر قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن حمدان قال : حدثنا أحمد بن جرير قال : حدثنا سعيد بن هشام قال : حدثنا هشام بن عبد الملك ، عن محمد بن أبان ، عن عبد الله بن عثمان ، عن عكرمة في قوله : { وصالح الْمُؤْمِنِينَ } قال أبو بكر ، وعمر رضي الله عنهما قال عبد الله : فذكرت ذلك لسعيد بن جبير ، قال : صدق عكرمة . ويقال : { صالح المؤمنين } يعني : خيار أصحابه . ثم قال : { وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذلك ظَهِيرٌ } يعني : الملائكة أيضاً أنصار النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يعني : مع ذلك أعوان النبي صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.