الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (17)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم أخبر بما أعد لهم، فقال عز وجل: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم} في جنات عدن مما لم تر عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب قائل {من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} به.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: فلا تعلم نفس ذي نفسٍ ما أخفى الله لهؤلاء الذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم في هاتين الآيتين، مما تقرّ به أعينهم في جنانه يوم القيامة "جَزَاءً بِمَا كانُوا يَعْمَلُونَ "يقول: ثوابا لهم على أعمالهم التي كانوا في الدنيا يعملون.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: (قال ربكم: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر) [البخاري 3244].

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

إنما تَقَرُّ عينُكَ برؤية مَنْ تحبه، أو ما تحبه؛ فطالبْ قلبكَ وراع حالك، فيحصل اليومَ سرورُك، وكذلك غداً.. وعلى ذلك تحشر.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

عن ابن سيرين قال: ما أخفي لهم من قرة أعين: هو النظر إلى الله تعالى.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

لا تعلم النفوس -كلهنّ ولا نفس واحدة منهنّ لا ملك مقرب ولا نبيّ مرسل- أيّ نوع عظيم من الثواب ادخر الله لأولئك وأخفاه من جميع خلائقه، لا يعلمه إلا هو مما تقر به عيونهم، ولا مزيد على هذه العدة ولا مطمح وراءها.

{جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} فحسم أطماع المتمنين.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{قرة أعين}... مأخوذة من القر كما أن سخنة العين مأخوذة من السخانة، وأصل هذا فيما يزعمون أن دمع الفرح بارد، ودمع الحزن سخن.

{جزاء بما كانوا يعملون} أي بتكسبهم.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

مما تقر العين عنده ولا تلتفت إلى غيره.

جزاء بحكم الوعد.

مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي 710 هـ :

وفيه دليل على أن المراد الصلاة في جوف الليل ليكون الجزاء وفاقاً.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

{ولا تعلم نفس}: نكرة في سياق النفي، فيعم جميع الأنفس مما ادّخر الله تعالى لأولئك، وأخفاه من جميع خلائقه مما تقر به أعينهم، لا يعلمه إلا هو، وهذه عدة عظيمة لا تبلغ الأفهام كنهها، بل ولا تفاصيلها.

{جزاء بما كانوا يعملون} وهو تعالى الموفق للعمل الصالح.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

ولما ذكر جزاء المستكبرين، فتشوفت النفس إلى جزاء المتواضعين، أشار إلى جزائهم بفاء السبب، إشارة إلى أنه هو الذي وفقهم لهذه الأعمال برحمته، وجعلها سبباً إلى دخول جنته، ولو شاء لكان غير ذلك. فقال: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم}...سكن حمزة الياء على أنه للمتكلم سبحانه لفتاً لأسلوب العظمة إلى أسلوب الملاطفة، والسر مناسبته لحال الأعمال. ولما كانت العين لا تقر فتهجع إلا عند الأمن والسرور قال: {من قرة أعين} أي من شيء نفيس سارّ تقر به أعينهم لأجل ما أقلعوها عن قرارها بالنوم؛ ثم صرح بما أفهمته فاء السبب فقال: {جزاء} أي أخفاها لهم لجزائهم {بما كانوا} أي بما هو لهم كالجبلة {يعملون}.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

{مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ} أي مما تقر به أعين، وفي إضافة القرة إلى الأعين على الإطلاق لا إلى أعينهم تنبيه على أن ما أخفي لهم في غاية الحسن والكمال.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

هذه الصورة المشرفة الوضيئة الحساسة الشفيفة ترافقها صورة للجزاء الرفيع الخاص الفريد. الجزاء الذي تتجلى فيه ظلال الرعاية الخاصة، والإعزاز الذاتي، والإكرام الإلهي والحفاوة الربانية بهذه النفوس (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون).. تعبير عجيب يشي بحفاوة الله -سبحانه- بالقوم؛ وتوليه بذاته العلية إعداد المذخور لهم عنده من الحفاوة والكرامة مما تقر به العيون. هذا المذخور الذي لا يطلع عليه أحد سواه. والذي يظل عنده خاصة مستورا حتى يكشف لأصحابه عنه يوم لقائه! عند لقياه! وإنها لصورة وضيئة لهذا اللقاء الحبيب الكريم في حضرة الله. يا لله! كم ذا يفيض الله على عباده من كرمه! وكم ذا يغمرهم سبحانه بفضله! ومن هم -كائنا ما كان عملهم وعبادتهم وطاعتهم وتطلعهم- حتى يتولى الله جل جلاله إعداد ما يدخره لهم من جزاء، في عناية ورعاية وود واحتفال؟ لولا أنه فضل الله الكريم المنان؟!

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

أساس القيمة عند الله، في ما يتفاضل به الناس لديه، ويتقربون إلى مواقع رضاه، وهو العمل المرتكز على قاعدة الإيمان، لأنه ليس بين الله وبين أحدٍ من خلقه قرابة أو علاقة إلا بالعمل حتى الأنبياء، فإنهم كانوا قريبين إلى الله من ناحية إيمانهم وعملهم، لا من ناحية شخصيتهم الذاتية. وهذا هو الذي أراد الله أن يقرّره في الآيات التالية في الخط الفاصل بين المؤمنين والفاسقين.