ثم قال تعالى : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } .
أي : ما خبئ لهؤلاء الذين تقدمت صفتهم في الآيتين مما تقر به أعينهم في الجنة جزاء بأعمالهم .
وقرأ ابن مسعود : " ما نخفي لهم " بالنون {[55130]} فهذا شاهد لقراءة حمزة {[55131]} بإسكان الياء {[55132]} فالقراءتان جرتا على {[55133]} الإخبار عن الله جل ذكره {[55134]} . و " ما " في موضع نصب ب " تعلم " إن جعلتها بمعنى الذي في جميع القراءات {[55135]}وإن جعلتها استفهاما كانت في موضع رفع على قراءة الجماعة {[55136]} وفي موضع نصب على قراءة حمزة وابن مسعود بأخفي {[55137]} .
وروى أبو هريرة : أن النبي صلى الله عليه [ وسلم ] {[55138]} " قرأ " ( من قرات أعين ) بالجمع " {[55139]} .
وروى أيضا عن النبي عليه السلام أنه قال : " قال ربكم : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب {[55140]} بشر ، فاقرؤوا إن شئتم فلا تعلم نفس ما أخفي ( لهم ) {[55141]} الآية {[55142]} .
وقال ابن مسعود : " مكتوب في التوراة : لقد أعد الله تبارك وتعالى للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر / عين ، ولم يخطر على قلب بشر ، ولم تسمع أذن وما لا يعلمه ملك مقرب . قال : ونحن نقرؤها : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين } {[55143]} .
وروى الشعبي عن المغيرة بن شعبة {[55144]} : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " سأل موسى ربه فقال : أي رب أخبرني بأدنى أهل الجنة منزلة فقال : رجل أتى بعدما أنزل {[55145]} أهل الجنة منازلهم وأخذوا أخذاتهم فقيل له : ادخل الجنة ، فقال : أي رب ، وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم ، فقيل له : أترضى مثل ملك ملك من ملوك الدنيا ؟ قال : رضيت أي رب ، فقال : فإن لك ما اشتهت نفسك ، ومثله [ معه ] {[55146]} . ومثله ومثله إن رضيت ، فقال : رضيت أي رب ، قال فإن لك ما اشتهت نفسك ولذت عينك ، قال : أي رب فأخبرني بأعلى أهل الجنة منزلة ، فقال : أولئك الذين أردت وسوف أخبرك عنهم إني غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها ، ولم تدر نفس ولم تر أعين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر ومصداق ذلك في كتاب الله عز وجل {[55147]} { فلا تعلك نفس ما أخفي لهم } الآية {[55148]} .
وقيل : إن معنى الآية في ثواب الجهاد ، أي : لا تعلم نفس ما أخفي لها من ثواب الجهاد في سبيل الله ، ذكره ابن وهب عن رجاله .
قال سليمان ابن عامر {[55149]} : الجنة مائة درجة فأولها درجة من فضة ، أرضها فضة ومساكنها فضة ، وآنيتها فضة ، وترابها مسك ، والثانية ذهب ، وأرضها ذهب ، ومساكنها ذهب وآنيتها ذهب وترابها مسك ، والثالثة لؤلؤ ( و ) {[55150]} أرضها لؤلؤ ومساكنها لؤلؤ ، وآنيتها لؤلؤ وترابها مسك ، وسبعة وتسعون درجة بعد ذلك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، قال الله تعالى : { فلا تعلم نفس ما أخفي لهم } الآية {[55151]} .
وعن ابن سيرين {[55152]} أنه قال في الآية : إنه النظر إلى الله عز وجل {[55153]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.