المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٖ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (210)

210- وهل ينتظر هؤلاء المعرضون عن الإسلام ليقتنعوا أن يروا الله تعالى جهرة في غمامٍ مع الملائكة وقد قضي الأمر بقطع مطامعهم ، لأن الشئون جميعاً في قبضة الله يصرفها هو حيث يشاء وقد قضي فيها قضاءه الذي سينفذ لا محالة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٖ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (210)

هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ( 210 )

وقوله تعالى : { هل ينظرون } الآية ، الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، و { هل } من حروف الابتداء كأما ، و { ينظرون } معناه ينتظرون ، والمراد هؤلاء الذين يزلون( {[1956]} ) ، والظلل جمع ظلة وهي ما أظل من فوق ، وقرأ قتادة والضحاك «في ظلال » ، وكذلك روى هارون بن حاتم عن أبي بكر عن عاصم هنا ، وفي الحرفين في الزمر( {[1957]} ) . وقال عكرمة : { ظلل } طاقات ، وقرأ الحسن ويزيد بن القعقاع وأبو حيوة «والملائكةِ » بالخفض عطفاً على { الغمام }( {[1958]} ) ، وقرأ جمهور الناس بالرفع عطفاً على { الله } ، والمعنى يأتيهم حكم الله وأمره ونهيه وعقابه إياهم ، وذهب ابن جريج وغيره إلى أن هذا التوعد هو بما يقع في الدنيا .

وقال قوم : بل هو توعد بيوم القيامة( {[1959]} ) ، وقال قوم : قوله { إلا أن يأتيهم الله } وعيد بيوم القيامة ، وأما الملائكة فالوعيد هو بإتيانهم عند الموت( {[1960]} ) ، و { الغمام } أرق السحاب وأصفاه وأحسنه ، وهو الذي ظلل به بنو إسرائيل .

وقال النقاش : «هو ضباب أبيض » ، وفي قراءة ابن مسعود «إلا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام »( {[1961]} ) ، و { قضي الأمر } معناه وقع الجزاء وعذب أهل العصيان ، وقرأ معاذ بن جبل «وقضاء الأمر » ، وقرأ يحيى بن يعمر «وقضى الأمور » بالجمع ، وقرأ ابن عامر وحمزة الكسائي «تَرجع » على بناء الفعل للفاعل ، وقرأ الباقون «تُرجَع » على بنائه للمفعول ، وهي راجعة إليه تعالى قبل وبعد ، وإنما نبه بذكر ذلك في يوم القيامة على زوال ما كان منها إلى الملوك في الدنيا .


[1956]:- أي الذين يتنحون عن الإسلام ويستحبون العمى على الهدى.
[1957]:- في قوله تعالى: [لهم من فوقهم ظلل من النار، ومن تحتهم ظلل ذلك الذي يخوِّف الله به عباده].
[1958]:- أي: في ظلل من الغمام ومن الملائكة.
[1959]:- الرأي الثاني هو الذي رجحه ابن جرير، وابن كثير، فالأقوال ثلاثة: توعّد بما يقع في الدنيا. أو توعد بما يقع يوم القيامة، أو التوعد بالإضافة إلى الله يوم القيامة، وبالإضافة إلى الملائكة يوم الموت.
[1960]:- أي يأتيهم أمره وحكمه، وقد دعاه إلى ذلك كون الإتيان مستحيلا على الله تعالى، لأنه بمعنى الحركة والانتقال.
[1961]:- على هذه القراءة فالظّلل من الغمام يرجع إلى الملائكة والله سبحانه وتعالى يأتي كما شاء.