صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٖ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (210)

{ هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله } أي ما ينتظر أولئك الذين أبوا الدخول في الإسلام من بعد ما جاءتهم البينات ، إلا أن يأتيهم الله يوم القيامة في ظلل من الغمام للحساب والجزاء . وإتيانه تعالى إنما هو بالمعنى اللائق به سبحانه مع تنزيهه عن مشابهة المحدثات ، وتفويض علم كيفيته إليه تعالى ، كما ذهب إليه السلف في آيات الصفات وأحاديثها . وقد بيناه في المسألة الرابعة من المقدمة ، وفي التفسير قوله تعالى : { إن لله لا يستحي أن يضرب مثلا ما }{[54]} وقوله تعالى : { ثم استوى إلى السماء }{[55]} . ومذهب جمهور المتكلمين أن ظواهر هذه الآيات غير مرادة بالإجماع ، لاستحالتها عليه تعالى ، إذا صفاته مغايرة لصفات خلقه ،

أكمان ذاته مغايرة لذواتهم ، فوجب تأويلها على التفصيل ، فيحمل الإتيان بأمره أو بأسه ، كما قال تعالى : { أويأتي أمر ربك }{[56]} ، { فلولا إذ جاءهم بأسنا }{[57]} .

{ في ظلل من الغمام } جمع ظلة - كغرفة – وهي ما يظلك . والغمام : السحاب الأبيض الرقيق ، جمع غمامة . ولا يكون ظلة إلا حيث يكون متراكبا . أي يأتيهم الله في ظلل كائنة من الغمام ، أي في قطع متفرقة منه ، كل قطعة منها في غاية الكثافة والعظم . وقيل : إن " في " بمعنى الباء ، أي يأتيهم الله بظلل من الغمام ، أي بالعذاب الذي يأتيهم في الغمام مع الملائكة .


[54]:آية 26 البقرة
[55]:: آية 39 البقرة
[56]:: آية 33 النحل
[57]:: آية 43 الأنعام