الآية 210 وقوله تعالى : ( هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة ) قيل فيه بوجوه : قيل : ( أن يأتيهم الله ) بأمره ، وهو قول الحسن ، وقيل : ( يأتيهم الله ) أي أمر الله ، وهو كقوله : ( أو يأتي أمر ربك ) [ النحل : 33 ] ، وكقوله : ( أو يأتي بعض آيات ربك يوم يأتي بعض آيات ربك ) [ الأنعام : 158 ] على إضمار الأمر فيه ، وقيل : ( في ظلل ) : ال في بمعنى ال : باء ، وكأنه قال : يأتيهم الله بظلل من الغمام ، وذلك جائز استعمال ال : في مكان ال : باء لأنهما جميعا من حروف الخفض ، والعرب تفعل ذلك ، ولا تأبى .
والأصل في هذا ونحوه أن إضافة هذه الأشياء إلى الله عز وجل لا توجب حقيقة وجود تلك الأشياء منه على ما يوجد من الأجسام ، لما يجوز إضافته إلى ما لا يوجد منه تحقيق ذلك نحو ما يقال : جاءني أمر فظيع ، [ وقوله تعالى ]{[2384]} : ( جاء الحق وزهق الباطل ) [ الإسراء : 8 ] ، وجاء فلان بأمر كذا ، وقوله{[2385]} : ( جاءكم رسول ) [ التوبة : 128 ] ، فذكر المجيء والإتيان لا على تحقيق وجود ذلك منه . فعلى ذلك يخرج ما أضاف الله عز وجل إلى نفسه من المجيء والإتيان والاستواء منه على تحقيق ما يكون من الأجسام . وفي الشاهد أن ملوك الأرض يضيفون إلى أنفسهم ما عمل بأمرهم من غير أن يتولوها بأنفسهم ، وكذلك أضاف ، جل ذكره ، أمر القيامة إلى نفسه لفضل ذلك الأمر .
ثم الأصل أن الإتيان والانتقال والزوال في الشاهد إنما يكون لخلتين : إما لحاجة بدت ، فيحتاج إلى الانتقال من حال إلى حال والزوال من مكان إلى مكان ليقضيها ، وإما{[2386]} لسآمة ووحشة ، تأخذه فينتقل من مكان إلى مكان لينفي عن نفسه ذلك . وهذان الوجهان في ذا{[2387]} المكان ، والله يتعالى عن أن تمسه حاجة ، أو تأخذه سآمة ، فبطل الوصف بالإتيان والمجيء والانتقال من حال إلى حال ، أو [ من ]{[2388]} مكان إلى مكان ، وبالله التوفيق .
وقيل : إن النص قد ورد بالاستواء والمجيء ، والخبر بالنزول والرؤية ، ثم قد ورد السمع بأن ( ليس كمثله شيء ) [ الشورى : 11 ] ؛ لزم نفي التشبيه فيما ورد عن ذاته . ولزم الإقرار بما جاء من عنده من غير طلب الكيفية له والتفسير . فالسبيل فيه الإيمان بالتنزيل والكف عن التفسير ، والله أعلم .
وفي الشاهد : الإتيان في العرض /33-ب/ ظهوره ، وفي الجسم بنقله من مكان إلى مكان ، وهو ، جل ذكره ، جل أن يوصف بجسم أو عرض . كذلك إتيانه لا يشبه إتيان الأجسام والأعراض ، ويكون إتيانا{[2389]} لا تعرف كيفيته ، وكما جاز أن يكون هو مثبتا بدليل لا يشبهه عرض ولا جسم ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.