الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{هَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّآ أَن يَأۡتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٖ مِّنَ ٱلۡغَمَامِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ وَقُضِيَ ٱلۡأَمۡرُۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ} (210)

قوله : ( فِي ظُلَلٍ( {[6758]} ) مِّنَ الغَمَامِ وَالمَلاَئِكَةُ ) [ 208 ] .

مَن خَفَضَ " الملائكة " ( {[6759]} ) عَطَفَ على " ( ظُلَلٍ ) " ( {[6760]} ) .

وقال أبو( {[6761]} ) إسحاق : " هي عطف على الغَمَامِ " ، وهي قراءة أبي جعفر( {[6762]} ) ، وقراءة الجماعة [ بالرفع على العطف ]( {[6763]} ) على الاسم( {[6764]} ) المرفوع بعد " يَأتِيَهُمْ " ( {[6765]} ) .

وقرأ أبو جعفر " فِي ظُلالٍ( {[6766]} ) وَقَضَاءِ الأَمْرِ " بالمد والخفض( {[6767]} ) .

وفي قراءة أبي : " إِلاَّ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ وَالغَمَامُ فِي ظلل مِنَ الملاَئِكَةِ " .

وهذا الإتيان عند أكثرهم يوم القيامة يكون( {[6768]} ) .

وقال قتادة : " ذلك عند الموت " . وهو قول شاذ( {[6769]} ) .

وقيل : معنى ( فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ )( {[6770]} ) ، " بظلل " ، ففي بمعنى( {[6771]} ) " الباء " . وهذا قول حسن بَيِّن( {[6772]} ) .

قال عكرمة : ( ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ ) " طاقات( {[6773]} ) منه والملائكة حوله " ( {[6774]} ) .

وأكثر أهل التفسير على أن في الكلام تقديماً وتأخيراً في قراءة من رفع الملائكة ، والمعنى : إلا أن يأتيهم الله والملائكة في ظلل من الغمام( {[6775]} ) . قالوا : والرب( {[6776]} ) يأتي كيف شاء ، و( فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ ) من حال الملائكة( {[6777]} ) . وجماعة منهم على أنه تعالى يأتي في ظلل من الغمام ، وتأتي الملائكة/كيف شاء . وهذا اختيار الطبري( {[6778]} ) .

وروى ابن عباس عن النبي [ عليه السلام ]( {[6779]} ) أنه قال : " إن الغمامة( {[6780]} ) [ طاقات يأتي الله جل وعز ]( {[6781]} ) فيها محفوفاً( {[6782]} ) .

قال أبو محمد رضي الله عنه : [ ويجب ]( {[6783]} ) أن تعتقد أن صفات الله جل ذكره بخلاف صفات المخلوقين ، فلا تعتقد إلا أن الإتيان والمجيء من الله تبارك وتعالى صفة وصف بها نفسه لا إتيان انتقال وتغير حال ، تعالى الله عن ذلك( {[6784]} ) .

وقد قدره قوم على حذف كأنه " إلا أن يأتيهم أمر الله " ( {[6785]} ) .

وقيل : معناه : ثواب الله وعقابه( {[6786]} ) .

وهذا كله توعد لمن تقدم ذكره من التاركين للدخول في الإسلام ولسعيهم( {[6787]} ) بالفساد في الأرض .

ومعنى : ( وَقُضِيَ الاَمْرُ ) : فرغ منه .

قوله : ( وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الاُمُورُ ) [ 208 ] .

أعلمنا( {[6788]} ) تعالى برد الحساب والعقاب إليه والأمور الآن( {[6789]} ) وفي كل وقت إليه( {[6790]} ) مصيرها ، وبيده تصرفها ، وعن مراده( {[6791]} ) كونها . وإنما خص ذلك الوقت بالذكر لأنه وقت لا يدعي فيه أحد أمراً ولا نهياً ولا ملكاً ولا مقدرة( {[6792]} ) ، والدنيا فيها الجبارون والكافرون يدعون ذلك لأنفسهم ، والآخرة لا يدعي فيها أحد شيئاً ، فلذلك خص الله رد الأمور إليه/في الآخرة مع كونها مردودة إليه في الدنيا( {[6793]} ) .


[6758]:- في ع2: ظل، وهو تحريف.
[6759]:- قوله: "من خفض الملائكة" ساقط من ق.
[6760]:- انظر: هذه القراءة في معاني الفراء 1/124، ومعاني الأخفش 1/170، والإملاء 1/90، وتحبير التيسير 91، والنشر 2/227.
[6761]:- في ع2، ع3: ابن، وهو تحريف.
[6762]:- انظر: الإملاء 1/90، وتفسير القرطبي 3/25.
[6763]:- في ع3: بالعطف. وفي ع2: بالرفع بالعطف.
[6764]:- في ق: الإسلام، وهو تحريف.
[6765]:- انظر: النشر 2/227.
[6766]:- في ع3: ظلل.
[6767]:- انظر: المحتسب 1/122، والإملاء 1/90.
[6768]:- انظر: تفسير الغريب 81، وتفسير القرطبي 3/25.
[6769]:- انظر: المحرر الوجيز 2/147، وتفسير القرطبي 3/25، والدر المنثور 1/580.
[6770]:- قوله: "من الغمام" ساقط من ح.
[6771]:- في ق: معنى.
[6772]:- انظر: تفسير القرطبي 3/26.
[6773]:- في ع2: طاقة.
[6774]:- انظر: جامع البيان 4/263، والدر المنثور 1/580.
[6775]:- وقد قرأ ابن مسعود: (هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَّاتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ). انظر: معاني الفراء 1/124.
[6776]:- في ع3: الذي. وهو تحريف.
[6777]:- وهو قول الربيع وأبي العالية. انظر: جامع البيان 4/264، وتفسير القرطبي 3/25.
[6778]:- انظر: جامع البيان 4/264.
[6779]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم.
[6780]:- في ع2: الغمام.
[6781]:- في ع2، ع3: طاقة يأتي الله عز وجل.
[6782]:- أورده الطبري في جامع البيان 4/265، وعزاه السيوطي في الدر المنثور 1/580 إلى الطبري والديلمي.
[6783]:- في ع2، ع3: يجب. وفي ق: ويحب.
[6784]:- وإلى مثل هذا التأويل ذهب القرطبي في تفسيره 3/27.
[6785]:- انظر: جامع البيان 4/265، وتفسير القرطبي 3/25.
[6786]:- انظر: المصدر السابق.
[6787]:- في ع3: سعيهم.
[6788]:- في ع3: أعلمنا الله.
[6789]:- سقط حرف الواو من ق.
[6790]:- سقط من ع3.
[6791]:- في ع3: مرادها. وهو خطأ.
[6792]:- في ق: مقدره، وهو تصحيف.
[6793]:- انظر: هذا التوجيه في جامع البيان 4/269-270، وتفسير القرطبي 3/26.