23- وأرادت التي هي كان هو يعيش في بيتها ، ويشعر بسلطانها ، أن تغريه بنفسها ، لتصرفه عن نفسه الطاهرة إلى مواقعتها ، فأخذت تذهب وتجئ أمامه ، وتعرض عليه محاسنها ومفاتنها ، وأوصدت الأبواب الكثيرة ، وأحكمت إغلاقها ، وقالت : أقبل علّى فقد هيأت لك نفسي ، قال : إني ألجأ إلى الله ليحميني من الشر ، وكيف أرتكبه معك وزوجك العزيز سيدي الذي أحسن مقامي ؟ إنه لا يفوز الذين يظلمون الناس بالغدر والخيانة فيوقعون أنفسهم في معصية الزنا .
قوله تعالى : { وراودته التي هو في بيتها عن نفسه } ، يعني : امرأة العزيز . والمراودة : طلب الفعل ، والمراد ههنا أنها دعته إلى نفسها ليواقعها ، { وغلقت الأبواب } ، أي : أطبقتها ، وكانت سبعة ، { وقالت هيت لك } ، أي : هلم وأقبل . قرأه أهل الكوفة والبصرة : { هيت لك } بفتح الهاء التاء جميعا . وقرأ أهل المدينة والشام : { هيت } بكسر الهاء وفتح التاء . وقرأ ابن كثير : { هيت } بفتح الهاء وضم التاء والوجه أن في هذه الكلمة ثلاث لغات ، هيت ، وهيت ، وهيت ، والكل بمعنى هلم ، وقرأ السلمي وقتادة : { هئت } لك ، بكسر الهاء وضم التاء مهموزا ، على مثال جئت ، يعني : تهيأت لك ، وأنكره أبو عمرو والكسائي ، وقالا : لم يحك هذا عن العرب . والأول هو المعروف عند العرب . قال ابن مسعود رضي الله عنه : أقرأني النبي صلى الله عليه وسلم : " هيت لك " . قال أبو عبيدة كان الكسائي يقول : هي لغة لأهل حوران رفعت إلى الحجاز معناها إلي تعال . وقال عكرمة : هي أيضا بالحورانية هلم . وقال مجاهد وغيره : هي لغة عربية وهي كلمة حث وإقبال على الشيء . قال أبو عبيدة : إن العرب لا تثني " هيت " ولا تجمع ولا تؤنث ، وإنها بصورة واحدة في كل حال . { قال } يوسف لها عند ذلك : { معاذ الله } ، أي : أعوذ بالله واعتصم بالله مما دعوتني إليه ، { إنه ربي } يريد أن زوجك قطفير سيدي { أحسن مثواي } ، أي : أكرم منزلي . هذا قول أكثر المفسرين . وقيل : الهاء راجعة إلى الله تعالى ، يريد : أن الله تعالى ربي أحسن مثواي ، أي : آواني ، ومن بلاء الجب عافاني . { إنه لا يفلح الظالمون } ، يعني : إن فعلت هذا فخنته في أهله بعد ما أكرم مثواي فأنا ظالم ، ولا يفلح الظالمون . وقيل : لا يفلح الظالمون : أي لا يسعد الزناة .
{ وراودته التي هو في بيتها عن نفسه } طلبت منه وتمحلت أن يواقعها ، من راد يرود إذا جاء وذهب لطلب شيء ومنه الرائد . { وغلّقت الأبواب } قيل كانت سبعة والتشديد للتكثير أو للمبالغة في الإيثاق . { وقالت هيت لك } أي أقبل وبادر ، أو تهيأت والكلمة على الوجهين اسم فعل بني على الفتح كأين واللام للتبيين كالتي في سقيا لك . وقرأ ابن كثير بالضم وفتح الهاء تشبيها له بحيث ، ونافع وابن عامر بالفتح وكسر الهاء كعيط . وقرأ هشام كذلك إلا أنه يهمز . وقد روي عنه ضم التاء وهو لغة فيه . وقرئ { هيت } كجير و " هئت " كجئت من هاء يهيء إذا تهيأ وقرئ هيئت وعلى هذا فاللام من صلته . { قال معاذ الله } أعوذ بالله معاذا . { إنه } إن الشأن . { ربي أحسن مثواي } سيدي قطفير أحسن تعهدي إذ قال لك في { أكرمي مثواه } فما جزاؤه أن أخونه في أهله . وقيل الضمير لله تعالى أي إنه خالقي أحسن منزلتي بأن عطف على قلبه فلا أعصيه . { إنه لا يفلح الظالمون } المجازون الحسن بالسيء . وقيل الزناة فإن الزنا ظلم على الزاني والمزني بأهله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.