المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ} (1)

مقدمة السورة:

هذه السورة مكية ، ماعدا الآية 38 والآيات التي تبدأ من 83 إلى 101 ففيها عشرون آية مدنية ، وقد ابتدأت بحمد الله تعالى لإنزاله القرآن الكريم ، وبيان أن القرآن هو الإنذار والتبشير ، وفيه إنذار الذين ادعوا أن لله ولدا ، وفيها ذكر حرص النبي صلى اله عليه وسلم على إيمان الذين يدعوهم بدعاية الله . ثم ذكر قصة أهل الكهف الذين رقدوا ثم بعثوا بعد أن لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا ، وهم عدد من أهل الكتاب فروا من ظلم الحاكم الروماني ، ورقدوا في الكهف تلك المدة ثم بعثوا للدلالة على قدرة الله تعالى على البعث بعد الموت .

ثم بعد ذلك أمره الله عز وجل بأن يتلو القرآن ، وينذر به ويبشر ، ثم بيان حال أهل الجنة فيها وأهل النار ، وضرب الله عز وجل مثلا لرجلين أحدهما غني يعتز بماله وبنيه ، والثاني يعتز بالله ، وبين سبحانه أن ولايته هي الحق ، ثم بين سبحانه زينة الحياة الدنيا الفانية ، ثم ما يكون يوم القيامة من نعيم مقيم أو عذاب أليم . ثم ذكر سبحانه قصة موسى مع العبد الصالح الذي أوتي علما من الله . وفي هذه القصة يصور ما يجهله الإنسان ، ولو كان نبيا مرسلا من أولي العزم من الرسل ، من قدرة الله عز وجل إلا إذا آتاه الله علمه . ثم يجيء ذكر ذي القرنين ووصوله إلى أقصى الشرق وبنائه للسد ، ثم يوم القيامة وما يكون فيه ، وجزاء المؤمنين ، وعلم الله تعالى وكلماته التي لا تنفذ وختمت السورة ببيان الطريق لإرضائه سبحانه .

1- الثناء الجميل مستحق لله تعالى الذي أنزل على عبده محمد صلى الله تعالى عليه وسلم القرآن ، ولم يجعل فيه شيئاً من الانحراف عن الصواب ، بل كان فيه الحق الذي لا ريب فيه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ} (1)

مقدمة السورة:

مكية وآياتها عشر ومائة .

{ الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب } ، أثنى الله على نفسه بإنعامه على خلقه ، وخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذكر ، لأن إنزال القرآن عليه كان نعمة عليه على الخصوص ، وعلى سائر الناس على العموم . { ولم يجعل له عوجاً* } .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ} (1)

مقدمة السورة:

[ بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين ]{[1]}

تفسير سورة الكهف

وهي مكية .

ذكر ما ورد في فضلها ، والعشر الآيات من أولها وآخرها ، وأنها عصمة من الدجال :

قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت البراء يقول : قرأ رجل الكهف ، وفي الدار دابة ، فجعلت تنفر ، فنظر فإذا ضبابة - أو : سحابة - قد غشيته ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : " اقرأ فلان ، فإنها السكينة تنزلت عند القرآن ، أو تنزلت للقرآن " .

أخرجاه في الصحيحين ، من حديث شعبة ، به{[2]} . وهذا الرجل الذي كان يتلوها هو : أسَيْدُ بن الحُضَيْر ، كما تقدم في تفسير البقرة{[3]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يزيد ، أخبرنا هَمّام بن يحيى ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن مَعْدان بن أبي طلحة ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من حَفظ عَشْرَ آيات من أول سورة الكهف ، عُصِم من الدجال " .

رواه مسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، والترمذي{[4]} من حديث قتادة به{[5]} . ولفظ الترمذي : " من حفظ الثلاث الآيات من أول الكهف " وقال : حسن صحيح .

طريق أخرى : قال ] الإمام[ {[6]} أحمد : حدثنا حجاج ، حدثنا شعبة ، عن قتادة سمعت سالم بن أبي الجعد يحدّث عن معدان ، عن أبي الدرداء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عُصِم من فتنة الدجال " .

ورواه مسلم أيضا والنسائي ، من حديث قتادة ، به{[7]} . وفي لفظ النسائي : " من قرأ عشر آيات من الكهف " ، فذكره .

حديث آخر : وقد رواه النسائي في " اليوم والليلة " عن محمد بن عبد الأعلى ، عن خالد ، عن شعبة ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن ثَوْبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف ، فإنه عصمة له من الدجال " {[8]} .

فيحتمل أن سالما سمعه من ثوبان ومن أبي الدرداء .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لَهِيعة ، حدثنا زبَّان بن فايد{[9]} عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قرأ أول سورة الكهف وآخرها ، كانت له نورًا من قدمه إلى رأسه ، ومن قرأها كلها كانت له نورًا ما بين الأرض إلى السماء " {[10]} انفرد به أحمد ولم يخرجوه{[11]} {[12]}

وروى الحافظ أبو بكر بن مَرْدُويْه [ في تفسيره ]{[13]} بإسناد له غريب ، عن خالد بن سعيد بن أبي مريم ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة ، سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء ، يضيء له يوم القيامة ، وغُفر له ما بين الجمعتين " {[14]} .

وهذا الحديث في رفعه نظر ، وأحسن أحواله الوقف .

وهكذا روى{[15]} الإمام : " سعيد بن منصور " في سننه ، عن هُشَيْم بن بشيرٍ{[16]} ، عن أبي هاشم{[17]} ، عن أبي مِجْلَز ، عن قيس بن عباد{[18]} عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، أنه قال : من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة ، أضاء له مِنَ النور ما بينه وبين البيت العتيق .

هكذا وقع موقوفا ، وكذا{[19]} رواه الثوري ، عن أبي هاشم{[20]} ، به{[21]} . من حديث أبي سعيد الخدري .

وقد أخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي بكر محمد بن المؤمل ، حدثنا الفضيل{[22]} بن محمد الشَّعراني ، حدثنا نُعَيم بن حمَّاد ، حدثنا هُشَيْم ، حدثنا أبو هاشم ، عن أبي{[23]} مِجْلَز ، عن قيس بن عُبَاد ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة ، أضاء له من النور ما بينه وبين الجمعتين " ، ثم قال : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه .

وهكذا رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في سننه ، عن الحاكم{[24]} ، ثم قال البيهقي : ورواه يحيى بن كثير ، عن شعبة ، عن أبي هاشم بإسناده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورًا يوم القيامة " . {[25]} [ والله أعلم ]{[26]} .

وفي " المختارة " للحافظ الضياء المقدسي من حديث عبد الله بن{[27]} مصعب بن منظور بن زيد بن خالد الجهني ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي مرفوعًا : " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة ، فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة ، وإن خرج الدجال عصم منه " {[28]}

بسم الله الرحمن الرحيم

[ رب وفقني ]{[17956]}

قد تقدم في أول التفسير أنه تعالى يحمد نفسه المقدسة عند{[17957]} فواتح الأمور وخواتيمها ، فإنه المحمود على كل حال ، وله الحمد في الأولى والآخرة ؛ ولهذا حمد نفسه على إنزاله كتابه العزيز على رسوله الكريم محمد ، صلوات الله وسلامه عليه ؛ فإنه أعظم نعمة{[17958]} أنعمها الله على أهل الأرض ؛ إذ أخرجهم به من الظلمات إلى النور ، حيث جعله كتابًا مستقيما لا اعوجاج فيه ولا زيغ ، بل يهدي إلى صراط مستقيم ، بينا واضحا جليًا{[17959]} نذيرًا للكافرين وبشيرًا للمؤمنين ؛ ولهذا قال : { وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا } أي : لم يجعل فيه اعوجاجًا ولا زيغًا ولا ميلا بل جعله معتدلا مستقيمًا ؛ 1


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[3]:في د: "وأديت".
[4]:في د: "إنهم قالوا".
[5]:في د: "تكفروهما".
[6]:تفسير الطبري (11/228).
[7]:في د: "ومال".
[8]:في د: "أن يعذب".
[9]:في د: "اللهم إني أعوذ بك".
[10]:في د: "لا يحتسبون".
[11]:في د: "وجلس".
[12]:في د: "فإذا هو بسمكة".
[13]:في د: "الغالبة".
[14]:في د: "وضربوهما".
[15]:في ف، أ: "زاكية".
[16]:في ف: "قد بلغت مني" وهو خطأ.
[17]:في إسناده عاصم وقد تكلم فيه وشيخه مجهول. ورواه البخاري في صحيحه برقم (4569) ومسلم في صحيحه برقم (763) من طريق كريب عن ابن عباس بنحوه.
[18]:صحيح البخاري برقم (4725).
[19]:في جـ، ر، أ، و: "بيضاء".
[20]:في ت، ف، أ: "فذكره بنحوه".
[21]:في ت، ف، أ: "عن".
[22]:في ت: "قال: فأصاب".
[23]:في أ: "وسباق".
[24]:صحيح البخاري برقم (4727).
[25]:في أ: "فقال وقال".
[26]:في ت: "هل على الأرض"، وفي ف: "هل في الناس".
[27]:في ت: "فبينما".
[28]:في ف، أ: "يريان".
[17956]:زيادة من ت.
[17957]:في ت : "عن".
[17958]:في ف" "نعم".
[17959]:في ت : "جليل".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الكهف وقيل إلا قوله { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم } الآية وهي مائة وإحدى عشرة آية .

بسم الله الرحمان الرحيم

{ الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب } يعني القرآن ، رتب استحقاق الحمد على إنزاله تنبيها على أنه أعظم نعمائه ، وذلك لأنه الهادي إلى ما فيه كمال العباد والداعي إلى ما به ينتظم صلاح المعاش والمعاد . { ولم يجعل له عوجا } شيئا من العوج باختلال في اللفظ وتناف في المعنى ، أو انحراف من الدعوة إلى جانب الحق وهو في المعاني كالعوج في الأعيان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الكهف . هذه السورة مكية في قول جميع المفسرين وروي عن فرقة أن أول السورة نزل بالمدينة إلى قوله ' جزرا ' والأول أصح وهي أفضل سور القرآن وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بسورة ( ملأ ){[1]} عظمها ما بين السماوات والأرض ولمن جاء بها من الأجر مثل ذلك ؟ قالوا : أي سورة هي يا رسول الله ؟ قال سورة الكهف من قرأ بها يوم الجمعة غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام . وفي رواية أنس :ومن قرأ بها أعطي نورا بين السماء والأرض ووقي بها فتنة القبر{[2]} .

كان حفص عن عاصم يسكت عند قوله { عوجا } سكتة خفيفة ، وعند { مرقدنا } [ ص : 52 ] في سورة يس{[7739]} ، وسبب هذه البدأة في هذه السورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سألته قريش عن المسائل الثلاث ، الروح ، والكهف ، وذي القرنين ، حسبما أمرتهم بهن يهود ، قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم غداً أخبركم ، بجواب سؤالكم ، ولم يقل إن شاء الله ، فعاتبه الله عز وجل بأن استمسك الوحي عنه خمسة عشر يوماً ، فأرجف به كفار قريش ، وقالوا : إن محمداً قد تركه ربه الذي كان يأتيه من الجن ، وقال بعضهم : قد عجز عن أكاذيبه إلى غير ذلك ، فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغ منه ، فلما انقضى الأمد الذي أراد الله عتاب محمد إليه ، جاءه الوحي من الله بجواب الأسئلة وغير ذلك ، فافتتح الوحي بحمد الله { الذي أنزل على عبده الكتاب } أي بزعمكم أنتم يا قريش ، وهذا كما تقول لرجل يحب مساءتك فلا يرى إلا نعمتك الحمد لله الذي أنعم علي وفعل بي كذا على جهة النقمة عليه ، و { الكتاب } هو القرآن ، وقوله { ولم يجعل له عوجاً } أي لم يزله عن طريق الاستقامة ، و «العوج » فقد الاستقامة ، وهو بكسر العين في الأمور والطرق وما لا يحس متنصباً شخصاً ، و «العوج » بفتح العين في الأشخاص كالعصا والحائط ونحوه ، وقال ابن عباس : معناه ولم يجعله مخلوقاً ، وقوله { ولم يجعل له عوجاً } يعم هذا وجميع ما ذكره الناس من أنه لا تناقض فيه ومن أنه لا خلل ولا اختلاف فيه . وقوله { قيماً } نصب على الحال من { الكتاب } ، فهو بمعنى التقديم ، مؤخر في اللفظ ، أي أنزل الكتاب قيماً ، واعترض بين الحال وذي الحال قوله : { ولم يجعل له عوجاً } وذكر الطبري هذا التأويل عن ابن عباس ، ويجوز أن يكون منصوباً{[7740]} بفعل مضمر تقديره أنزله أو جعله { قيماً } ، وفي بعض مصاحف الصحابة «ولم يجعل له عوجاً لكن جعله قيماً » قاله قتادة ، ومعنى «قيم » مستقيم ، هذا قول ابن عباس والضحاك ، وقيل معناه أنه قيم على سائر الكتب بتصديقها ، ذكره المهدوي ، وهذا محتمل وليس من الاستقامة ويصح أن يكون معنى «قيم » قيامه بأمر الله عز وجل على العالم ، وهذا المعنى يؤيده ما بعده من النذارة والبشارة اللذين عما العالم .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[7739]:في قوله تعالى في الآية (52): {قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
[7740]:ما بين العلامتين زيادة لتوضيح المعنى.