تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ} (1)

مقدمة السورة:

سورة الكهف مكية{[1]}

الآية1 : قوله{[11352]} تعالى : { الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب } تأويل الحمد ههنا وفي أمثاله ، /312-أ/ والله أعلم ، أن{[11353]} حق الحمد الذي منه وصلت إلى كل أحد نعمه ، أي إنها ، وإن وصلت على أيدي من وصلت ، فإن الحق والثناء له في تلك النعم{[11354]} ، وإن حُمِدَ من دونه ؛ إذ منه ذلك لا من الذي وصلت على يديه ، وإن الذي وصلت على يديه كالمستعمل له ، فَحَقَّ الحمد والثناء له لا لمن{[11355]} دونه .

أو أن يكون قوله : { الحمد لله } أي قولوا : له الحمد والثناء ، لأنه في جميع ما ذكر من الحمد له الحق به شيئا : إما قدرته وسلطانه ، وإما نعمه التي أنعم على الخلق كقوله : { الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض } الآية ( الأنعام : 1 ) وقوله{[11356]} ( الحمد لله فاطر السموات و الأرض ) الآية ( فاطر : 1 )

وقوله{[11357]} : { الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب } ( الكهف : 1 )

وقوله : { الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا } ( الإسراء : 111 ) ونحوه{[11358]}ما ذكر الحمد لنفسه والثناء إلا ذَكَرَ على إثره وإما{[11359]} قدرته وسلطانه وإما نعمه . فما كان المذكور على إثره النعمة فهو يستأدي به شكره وحمده . وإن كان المُلْحَقُ به القدرة والسلطان فيَخْرُجُ القول منه مَخْرَجَ الأمر بالتعظيم له والهيبة والإجلال ، والله أعلم .

الآية 2 : وقوله تعالى : { الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا } { قيما } أي لم يجعله عوجا . ويجوز زيادة اللام في مثله كقوله : { عسى أن يكون ردف لكم } ( النمل : 72 ) أي ردفكم .

هذا جائز في اللغة . ثم قوله تعالى : { الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا }

{ قيما } يُخَرَّجُ{[11360]} على وجهين :

أحدها : على التقديم والتأخير على ما قاله أهل التأويل ، أي أنزل على عبده الكتاب قيما ، ولم يجعله عوجا .

والثاني : على زيادة : بل ؛ كأنه قال : { أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا } بل جعله قيما . على أحد هذين الوجهين يُخَرَّجُ ، والله أعلم .

ثم قوله : { ولم يجعل له عوجا } { قيما } : إذا لم يكن عوجا كان قيما ، وإذا كان قيما كان غير عوج ، في كل واحد من الحرفين يعني الآخر ، لأن{[11361]} من عادة العرب تكرار الكلام وإعادته على التأكيد كقوله : { محصنات غير مسافحات } ( النساء : 25 ) فإذا كن محصنات لم يكن مسافحات ){[11362]} وإذا كُنَّ مسافحات لم يكن محصنات : حرفان مؤديان معنى واحدا ، إلا أنه كرَّرَ لما ذكرنا ( أن ){[11363]} من عادة العرب التكرار . وكذلك ما ذكر{ لينذر بأسا شديدا } البأس ، هو الشديد ، والشديد ، هو البأس ، هما واحد . فعلى ذلك الأول .


[1]:- في ط ع: سمح.
[11352]:من م، في الأصل: وقوله.
[11353]:في الأصل و.م : أي.
[11354]:في الأصل و.م : النعمة.
[11355]:في الأصل و.م : من.
[11356]:في الأصل و م: و.
[11357]:في الأصل و.م : و.
[11358]:أدرجت في الأصل و.م قبل هذه الآية.
[11359]:في الأصل و.: ما.
[11360]:أدرج قبلها في الأصل و.م: أي لم يجعله عوجا وهو.
[11361]:في الأصل و.م : إلا أن.
[11362]:ساقطة من الأصل و.م.
[11363]:ساقطة من الأصل و.م.