الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَىٰ عَبۡدِهِ ٱلۡكِتَٰبَ وَلَمۡ يَجۡعَل لَّهُۥ عِوَجَاۜ} (1)

مقدمة السورة:

بسم الله الرحمن الرحيم

سورة الكهف مكية{[1]}

من رواية ابن وهب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ألا أخبركم بسورة عظمها ما بين السماوات والأرض ، لمن{[2]} جاء بها{[3]} من الأجر مثل ذلك ؟ قالوا : يا نبي الله ، أي سورة هي : قال : سورة الكهف . من قرأ [ بها{[4]} ] يوم الجمعة أعطي بها نورا بين السماوات والأرض ، ووقي بها فتنة القبور{[5]} .

وعن بعض أهل المدينة أنه{[6]} قال : " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أعطي نورا ما بينه وبين مكة ، وغفر له ما بين الجمعتين ووقي فتنة الدجال " {[7]} .

وعن مكحول{[8]} أنه{[9]} قال : " من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أعطاه الله [ عز وجل{[10]} ] نورا من الجمعة إلى الجمعة{[11]} " .

وعن أنس أنه{[12]} قال : " من قرأ سورة الكهف [ يوم الجمعة{[13]} ] غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى ، وزيادة ثلاثة أيام " {[14]} .

قوله تعالى : { الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب } [ 1 ] إلى قوله : { إلا كذبا } [ 5 ] .

معناه : على قول ابن عباس ، في رواية الضحاك وابن جريج عنه : الله المحمود بالذكر وبكل لسان ، والمحمود على كل فعل{[42144]} والمعبود في كل مكان ، الذي هو كل يوم في شأن لا يشغله شأن عن شأن .

ومعنى الآية : في قول ابن عباس ومجاهد وقتادة : أنزل على عبد الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا{[42145]} . فقيما حال{[42146]} من الكتاب ، وهو قول : الكسائي والفراء وأبي عبيدة{[42147]} .

وقال : غيرهم : " قيما " : منصوب بإضمار فعل ، أي : ولكن جعله قيما{[42148]} ، فهو مفعول ثان ليجعل{[42149]} المضمرة .

والوقف على " الكتاب " : على القول الأول : لا يجوز ، وعلى الثاني يجوز .

وقيل إن المعنى : أنزله قيما ، فيكون نصبه على الحال من الهاء المضمرة مع الفعل المضمر .

ومعنى " عوجا : أي : مخلوقا " . كذلك قوله : { غير ذي عوج }{[42150]} أي : غير مخلوق ، قاله{[42151]} : ابن عباس{[42152]} .

والعوج : بالكسر في العين في كل ما ليس له شخص : مثل الدين ، والأمر ، والرأي . فإن كان له شخص كالخشبة والحائط وشبهه فهو بفتح العين{[42153]} .

ومعنى الآية : الحمد لله الذي خص برسالته محمدا ، وأنزل عليه كتابه قيما{[42154]} .


[1]:أ: إذ.
[2]:حكاه في المحرر 16/262.
[3]:أ: إذ.
[4]:أ: الاولى والثانية والثالثة.
[5]:ساقط من أ.
[6]:م: هذه الأشياء وسخرها.
[7]:م، ث: فكيف.
[8]:ساقط من أ.
[9]:أ: قال.
[10]:ساقط من أ.
[11]:في تنوير المقياس 509: "بقوتها وشدتها تقوم بحملها ولا يقوم غيرها".
[12]:أ: قال.
[13]:أ: للقطع.
[14]:انظر: المحرر 16/290.
[42144]:ط: كل حال.
[42145]:انظر هذا القول: في جامع البيان 15/190، والقطع والإئتناف 443، والمكتفى 367.
[42146]:ق: "خال".
[42147]:انظر: معاني الفراء 2/133ن ومعاني الأخفش 2/616 ومشكل القرآن 206، وغريب القرآن 263، وإعراب النحاس 2/447، والقطع والإئتناف 443، والمشكل 2/36، والجامع 10/228.
[42148]:وهو قول: قتادة، انظر: جامع البيان 15/190 والقطع والإئتناف 443، والمكتفى 366ن والجامع 10/229.
[42149]:ط: "يجعل".
[42150]:الزمر: 28.
[42151]:ق: وقال.
[42152]:انظر قوله: في الجامع 15/164، قال: "ذكره المهدوي" وهو قول السدي أيضا انظر: المحرر 14/80، والجامع 15/164.
[42153]:انظر: التمييز بين العوج والعوج في معاني الزجاج 3/267. وإعراب النحاس 2/447، ومفردات القرآن (عوج)ن واللسان (عوج).
[42154]:وهو قول: ابن جرير، انظر: جامع البيان 15/190.