مقصودها{[3]} وصف الكتاب بأنه قيم ، لكونه زاجرا عن الشريك الذي{[4]} هو خلاف ما قام عليه " الدليل- {[5]} ] في " سبحان " من أنه لا وكيل دونه ، لا إلاه إلا هو ، وقاصا بالحق أخبار قوم قد فضلوا في أزمانهم وفق ما وقع الخبر به في " سبحان " من أنه يفضل من يشاء ، ويفعل ما يشاء ، وأدل ما فيها على هذا المقصد قصة أهل الكهف ، لأن خبرهم أخفى ما فيها من القصص مع أن سبب فراقهم لقومهم الشرك ، وكان أمرهم موجبا – بعد طول رقادهم – للتوحيد وإبطال الشرك " بسم الله " الذي لا كفوء له ولا شريك " الرحمان " الذي أقام عباده على أوضح الطرق بقيم الكتاب " الرحيم " بتفضيل من اختصه{[6]} بالصواب .
لما ختمت تلك بأمر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالحمد عن التنزه عن صفات النقص لكونه أعلم الخلق بذلك ، بدئت هذه بالإخبار باستحقاقه سبحانه الحمد على صفات الكمال التي منها البراءة عن كل نقص ، منبها بذلك على وجوب حمده بما شرع من الدين على هذا{[45395]} الوجه الأحكم{[45396]} بهذا الكتاب{[45397]} القيم الذي خضعت لجلاله{[45398]}
العلماء الأقدمون ، وعجز عن معارضته الأولون والآخرون ، الذي هو الدليل على ما ختمت به تلك من العظمة والكمال ، والتنزه والجلال ، فقال{[45399]} ملقنا لعباده حمده ، معلما لهم كيف يثنون عليه ، مفقها لهم في اختلاف العبارات باختلاف المقامات{[45400]} : { الحمد } أي الإحاطة بصفات الكمال { لله } أي المستحق لذلك لذاته .
ولما أخبر باستحقاقه ذلك لذاته ، أخبر بأنه يستحقه أيضاً لصفاته وأفعاله ، فقال تعالى : { الذي } {[45401]}ولما كان المراد وصف جملة الكتاب بالإعجاز{[45402]} من غير نظر إلى التفريق واللتدريج ، عبر{[45403]} بالإنزال دون التنزيل فقال : { أنزل } وعدل عن الخطاب بأن يقول : عليك ، كما يقول : فلعلك باخع نفسك ، كما في ذلك من الوصف بالعبودية والإضافة إليه سبحانه من الإعلام بتشريفه صلى الله عليه وعلى آله وسلم والتنبيه على علة{[45404]}
تخصيصه بالإنزال عليه كما تقدم في سورة البقرة ، فقال . مقدماً له على المنزل لأن المراد الدلالة على صحة رسالته بما لا تحتاج{[45405]} فيه قريش إلى سؤال اليهود ولا غيرهم من تخصيصه بما لا يقدر عليه غيره : { على عبده } وإشارة إلى أنه الذي أسرى به إلى حضرات مجده ليريه من آياته { الكتاب } الجامع لمعاني الكتب المشار إليه في آخر التي قبلها بما أشير إليه من العظمة كما آتى موسى التوراة الآمرة بالعدل في الأحكام ، وداود الزبور الحادي إلى{[45406]} الزهد والإحسان ، على ما أشير إليه في{[45407]} { سبحان } .
ولما كان الجامع لا يخلو من عوج أو قابلية له إلا أن كان من علام الغيوب ، نفى القابلية والإمكان دلالة على أنه من عنده لينتفي العوج{[45408]} بطريق الأولى فقال تعالى : { ولم } {[45409]}أي والحال{[45410]} أنه لم{[45411]} { يجعل له } ولم يقل : فيه { عوجاً * } أي شيئاً من عوج ، {[45412]}أي بل هو مستقيم في جميع معانيه من غير اختلاف أصلاً ، هادٍ إلى كل صواب ، لأن العوج - بالكسر : فقد الاستقامة في المعاني ، وبالفتح في{[45413]} الأعيان ؛
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.