قوله تعالى : { قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي } . أي ما سنها .
قوله تعالى : { إنه يقول } . يعني فسأل الله تعالى فقال : إنه يعني أن الله تعالى يقول .
قوله تعالى : { إنها بقرة لا فارض ولا بكر } . أي لا كبيرة ولا صغيرة ، والفارض المسنة التي لا تلد ، يقال منه : فرضت تفرض فروضاً ، والبكر الفتية الصغيرة التي لم تلد قط ، وحذفت الهاء منهما للاختصاص بالإناث كالحائض .
قوله تعالى : { عوان } . وسط نصف .
قوله تعالى : { بين ذلك } . أي بين السنين يقال عونت المرأة تعويناً : إذا زادت على الثلاثين ، قال الأخفش : العون التي نتجت مراراً وجمعها عون .
قوله تعالى : { فافعلوا ما تؤمرون } . من ذبح البقرة ولا تكثروا السؤال .
أخبر تعالى عن تعنت بني إسرائيل وكثرة سؤالهم لرسولهم . ولهذا لما ضيقوا على أنفسهم ضيق عليهم ، ولو أنهم ذبحوا أي بقرة كانت لوقعت الموقع عنهم ، كما قال ابن عباس وعبيدة وغير واحد ، ولكنهم شددوا فشدد عليهم ، فقالوا : { ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ } ما هذه البقرة ؟ وأي شيء صفتها ؟
قال{[1972]} ابن جرير : حدثنا أبو كريب ، حدثنا عثام{[1973]} بن علي ، عن الأعمش ، عن المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : لو أخذوا أدنى بقرة اكتفوا بها ، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم{[1974]} .
إسناد صحيح ، وقد رواه غير واحد عن ابن عباس . وكذا قال عبيدة ، والسدي ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو العالية وغير واحد .
وقال ابن جريج : قال [ لي ]{[1975]} عطاء : لو أخذوا أدنى بقرة كفتهم . قال ابن جريج : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما أمروا بأدنى بقرة ، ولكنهم لما شددوا على أنفسهم شدد الله عليهم ؛ وايم الله لو أنهم لم يستثنوا ما بينت لهم آخر الأبد " {[1976]} .
{ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لا فَارِضٌ وَلا بِكْرٌ } أي : لا كبيرة هرمة ولا صغيرة لم يلحقها{[1977]} الفحل ، كما قاله أبو العالية ، والسدي ، ومجاهد ، وعكرمة ، وعطية العوفي ، وعطاء الخراساني{[1978]} ووهب بن منبه ، والضحاك ، والحسن ، وقتادة ، وقاله ابن عباس أيضًا .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس { عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ } [ يقول : نصف ]{[1979]} بين الكبيرة والصغيرة ، وهي أقوى ما يكون من الدواب والبقر وأحسن ما تكون . وروي عن عكرمة ، ومجاهد ، وأبي العالية ، والربيع بن أنس ، وعطاء الخراساني ، والضحاك نحو ذلك .
وقال السدي : العوان : النصف التي بين ذلك التي ولدت ، وولد ولدها .
وقال هشيم ، عن جويبر ، عن كثير بن زياد ، عن الحسن في البقرة : كانت بقرة وحشية .
{ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي } أي ما حالها وصفتها ، وكان حقهم أن يقولوا : أي بقرة هي ؟ أو كيف هي ؟ لأن { ما } يسأل به عن الجنس غالبا ، لكنهم لما رأوا ما أمروا به على حال لم يوجد بها شيء من جنسه ، أجروه مجرى ما لم يعرفوا حقيقته ولم يروا مثله . { قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر } لا مسنة ولا فتية ، يقال فرضت البقرة فروضا من الفرض وهو القطع ، كأنها فرضت سنها ، وتركيب البكر للأولية ومن البكرة والباكورة .
{ عوان } نصف . قال : نواعم بين أبكار وعون .
{ بين ذلك } أي بين ما ذكر من الفارض والبكر ولذلك أضيف إليه بين ، فإنه لا يضاف إلا إلى متعدد ، وعود هذه الكنايات وإجراء تلك الصفات على بقرة يدل على أن المراد بها معينة ، ويلزمه تأخير البيان عن وقت الخطاب ، ومن أنكر ذلك زعم أن المراد بها بقرة من شق البقر غير مخصوصة ثم انقلبت مخصوصة بسؤالهم ، ويلزمه النسخ قبل الفعل ، فإن التخصيص إبطال للتخيير الثابت بالنص والحق جوازهما ، ويؤيد الرأي الثاني ظاهر اللفظ والمروي عنه عليه الصلاة والسلام " لو ذبحوا أي بقرة أرادوا لأجزأتهم ، ولكن شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم " . وتقريعهم بالتمادي وزجرهم على المراجعة بقوله : { فافعلوا ما تؤمرون } أي ما تؤمرونه ، بمعنى تؤمرون به من قولهم : أمرتك الخير فافعل ما أمرت به ، أو أمركم بمعنى مأموركم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.