المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَرَٰوَدَتۡهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلۡأَبۡوَٰبَ وَقَالَتۡ هَيۡتَ لَكَۚ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ رَبِّيٓ أَحۡسَنَ مَثۡوَايَۖ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (23)

23- وأرادت التي هي كان هو يعيش في بيتها ، ويشعر بسلطانها ، أن تغريه بنفسها ، لتصرفه عن نفسه الطاهرة إلى مواقعتها ، فأخذت تذهب وتجئ أمامه ، وتعرض عليه محاسنها ومفاتنها ، وأوصدت الأبواب الكثيرة ، وأحكمت إغلاقها ، وقالت : أقبل علّى فقد هيأت لك نفسي ، قال : إني ألجأ إلى الله ليحميني من الشر ، وكيف أرتكبه معك وزوجك العزيز سيدي الذي أحسن مقامي ؟ إنه لا يفوز الذين يظلمون الناس بالغدر والخيانة فيوقعون أنفسهم في معصية الزنا .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَرَٰوَدَتۡهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلۡأَبۡوَٰبَ وَقَالَتۡ هَيۡتَ لَكَۚ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ رَبِّيٓ أَحۡسَنَ مَثۡوَايَۖ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (23)

قوله تعالى : { وراودته التي هو في بيتها عن نفسه } ، يعني : امرأة العزيز . والمراودة : طلب الفعل ، والمراد ههنا أنها دعته إلى نفسها ليواقعها ، { وغلقت الأبواب } ، أي : أطبقتها ، وكانت سبعة ، { وقالت هيت لك } ، أي : هلم وأقبل . قرأه أهل الكوفة والبصرة : { هيت لك } بفتح الهاء التاء جميعا . وقرأ أهل المدينة والشام : { هيت } بكسر الهاء وفتح التاء . وقرأ ابن كثير : { هيت } بفتح الهاء وضم التاء والوجه أن في هذه الكلمة ثلاث لغات ، هيت ، وهيت ، وهيت ، والكل بمعنى هلم ، وقرأ السلمي وقتادة : { هئت } لك ، بكسر الهاء وضم التاء مهموزا ، على مثال جئت ، يعني : تهيأت لك ، وأنكره أبو عمرو والكسائي ، وقالا : لم يحك هذا عن العرب . والأول هو المعروف عند العرب . قال ابن مسعود رضي الله عنه : أقرأني النبي صلى الله عليه وسلم : " هيت لك " . قال أبو عبيدة كان الكسائي يقول : هي لغة لأهل حوران رفعت إلى الحجاز معناها إلي تعال . وقال عكرمة : هي أيضا بالحورانية هلم . وقال مجاهد وغيره : هي لغة عربية وهي كلمة حث وإقبال على الشيء . قال أبو عبيدة : إن العرب لا تثني " هيت " ولا تجمع ولا تؤنث ، وإنها بصورة واحدة في كل حال . { قال } يوسف لها عند ذلك : { معاذ الله } ، أي : أعوذ بالله واعتصم بالله مما دعوتني إليه ، { إنه ربي } يريد أن زوجك قطفير سيدي { أحسن مثواي } ، أي : أكرم منزلي . هذا قول أكثر المفسرين . وقيل : الهاء راجعة إلى الله تعالى ، يريد : أن الله تعالى ربي أحسن مثواي ، أي : آواني ، ومن بلاء الجب عافاني . { إنه لا يفلح الظالمون } ، يعني : إن فعلت هذا فخنته في أهله بعد ما أكرم مثواي فأنا ظالم ، ولا يفلح الظالمون . وقيل : لا يفلح الظالمون : أي لا يسعد الزناة .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَرَٰوَدَتۡهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلۡأَبۡوَٰبَ وَقَالَتۡ هَيۡتَ لَكَۚ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ رَبِّيٓ أَحۡسَنَ مَثۡوَايَۖ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (23)

يخبر تعالى عن امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها بمصر ، وقد أوصاها زوجها به وبإكرامه [ { وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا ] عَنْ نَفْسِهِ } أي : حاولته على{[15107]} نفسه ، {[15108]} ودعته إليها ، وذلك أنها أحبته حبًا شديدًا لجماله وحسنه وبهائه ، فحملها ذلك على أن تجملت له ، وغلقت عليه الأبواب ، ودعته إلى نفسها ، { وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ } فامتنع من ذلك أشد الامتناع ، و { قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي [ أَحْسَنَ مَثْوَايَ ] } {[15109]} وكانوا يطلقون " الرب " {[15110]} على السيد والكبير ، أي : إن بعلك ربي أحسن{[15111]} مثواي أي : منزلي وأحسن إلي ، فلا أقابله بالفاحشة في أهله ، { إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ } قال ذلك مجاهد ، والسدي ، ومحمد بن إسحاق ، وغيرهم .

وقد اختلف القراء في قراءة : { هَيْتَ لَكَ } فقرأه كثيرون بفتح الهاء ، وإسكان الياء ، وفتح التاء . وقال ابن عباس ، ومجاهد ، وغير واحد : معناه : أنها تدعوه إلى نفسها . وقال علي بن أبي طلحة ، والعوفي ، عن ابن عباس : { هَيْتَ لَكَ } تقول : هلم لك . وكذا قال زِرّ بن حبيش ، وعِكْرِمة ، والحسن وقتادة .

قال عمرو بن عبُيَد ، عن الحسن : وهي كلمة بالسريانية ، أي : عليك .

وقال السدي : { هَيْتَ لَكَ } أي : هلم لك ، وهي بالقبطية .

قال مجاهد : هي لغة عربية{[15112]} تدعوه بها .

وقال البخاري : وقال عكرمة : { هَيْتَ لَكَ } هَلُم لك بالحَوْرَانية .

وهكذا ذكره معلقًا ، وقد أسنده الإمام أبو جعفر بن جرير : حدثني أحمد بن سُهَيْل الواسطي ، حدثنا قُرَّة بن عيسى ، حدثنا النضر بن عربي الجَزَري{[15113]} ، عن عكرمة مولى ابن عباس في قوله : { هَيْتَ لَكَ } قال : هلم لك . قال : هي بالحورانية .

وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : وكان الكسائي يحكي{[15114]} هذه القراءة - يعني : { هَيْتَ لَكَ } - ويقول : هي لغة ، لأهل حَوْران ، وقعت إلى أهل الحجاز ، معناها : تعال . وقال أبو عبيد : سألت شيخًا عالمًا من أهل حوران ، فذكر أنها لغتهم يعرفها .

واستشهد الإمام ابن جرير على هذه القراءة بقول{[15115]} الشاعر لعلي بن أبى طالب ، رضي الله عنه :

أَبْلْغ أَمِيَر المؤمِنين *** أَخا العِراَقِ إذَا أَتَينَا

إنَّ العِراقَ وَأَهْلَهُ *** عُنُقٌ إليكَ فَهَيتَ هَيْتا

يقول : فتعال واقترب{[15116]} وقرأ ذلك آخرون : " هِئتُ لك " بكسر الهاء والهمزة ، وضم التاء ، بمعنى : تهيأت لك ، من قول القائل : هئت للأمر أهيء هيْئَة وممن روي عنه هذه القراءة ابن عباس ، وأبو عبد الرحمن السلمي ، وأبو وائل ، وعكرمة ، وقتادة ، وكلهم يفسرها بمعنى : تهيأت لك .

قال ابن جرير : وكان أبو عمرو والكسائي ينكران هذه القراءة . وقرأ عبد الله بن إسحاق{[15117]} هيت " ، " بفتح الهاء وكسر التاء : وهي غريبة .

وقرأ آخرون ، منهم عامة أهل المدينة " هَيْتُ " بفتح الهاء ، وضم التاء ، وأنشد{[15118]} قول الشاعر :{[15119]}

لَيسَ قَومِي بالأبْعَدِين إِذَا مَا *** قَالَ دَاعٍ منَ العَشِيرِةَ : هَيتُ

قال عبد الرزاق : أنبأنا الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي وائل قال : قال ابن مسعود : قد سمعت القَرَأة فسمعتهم متقاربين ، فاقرءوا كما عُلِّمتم ، وإياكم والتنطع والاختلاف ، فإنما هو كقول أحدكم : " هلم " و " تعال " ثم قرأ عبد الله : { هَيْتَ لَكَ } فقال : يا أبا عبد الرحمن ، إن ناسا يقرءونها : " هَيْتُ [ لَك ] " {[15120]} ؟ فقال عبد الله : إني أقرأها كما عُلِّمت ، أحبّ إلي{[15121]} وقال ابن جرير : حدثني ابن وَكِيع ، حدثنا ابن عُيَيْنة ، عن منصور ، عن أبي وائل قال : قال عبد الله : { هَيْتَ لَكَ } فقال له مسروق : إن ناسا يقرءونها : " هَيْتُ لَك " ؟ فقال : دعوني ، فإني أقرأ كما أقْرِئتُ ، أحب إلي{[15122]} وقال أيضًا : حدثني المثنى ، حدثنا آدم بن أبي إياس ، حدثنا شعبة ، عن شقيق ، عن ابن مسعود قال : { هَيْتَ لَكَ } بنصب الهاء والتاء ولا بهمز .

وقال{[15123]} آخرون : " هِيْتُ لَك " ، بكسر الهاء ، وإسكان الياء ، وضم التاء .

قال أبو عُبَيدة معمر بن المثنى : " هيت " لا تثنى ولا تجمع ولا تؤنث ، بل يخاطب الجميع بلفظ واحد ، فيقال : هيتَ لَك ، وهيتَ لك ، وهيتَ لكما ، وهيتَ لكم ، وهيتَ لهن{[15124]}


[15107]:- زيادة من ت ، أ.
[15108]:- في ت ، أ : "عن".
[15109]:- زيادة من أ.
[15110]:- في ت ، أ : "ذلك".
[15111]:- في ت ، أ : "أكرم".
[15112]:- في ت : "غريبة".
[15113]:- في ت : "غربي الحوري".
[15114]:- في ت ، أ : "يحب".
[15115]:- في ت : "قول".
[15116]:- تفسير الطبري (16/25).
[15117]:- في ت : "عبد الله بن أبي إسحاق".
[15118]:- في ت ، أ : "وأنشدوا".
[15119]:- هو طرفة بن العبد ، والبيت في تفسير الطبري (16/30).
[15120]:- زيادة من أ.
[15121]:- تفسير عبد الرزاق (1/279).
[15122]:- تفسير الطبري (16/31).
[15123]:- في ت : "وقرأ".
[15124]:- في أ : "لهم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَرَٰوَدَتۡهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلۡأَبۡوَٰبَ وَقَالَتۡ هَيۡتَ لَكَۚ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ رَبِّيٓ أَحۡسَنَ مَثۡوَايَۖ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (23)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَرَاوَدَتْهُ الّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نّفْسِهِ وَغَلّقَتِ الأبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنّهُ رَبّيَ أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنّهُ لاَ يُفْلِحُ الظّالِمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وراودت امرأة العزيز ، وهي التي كان يوسف في بيتها { يوسُفَ } عن نفسه أن يواقعها . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ولما بلغ أشدّه { راودته التي هو في بيتها عن نفسه } : امرأة العزيز .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : { وَرَاوَدَتْهُ التي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ } ، قال : أحبته .

قال : ثني أبي ، عن إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، قال : قالت تعالَهْ .

وقوله : { وَغَلّقَتِ الأبْوَابَ } ، يقول : وغلّقت المرأة أبواب البيوت ، عليها وعلى يوسف لما أرادت منه ، وراودته عليه ، بابا بعد باب .

وقوله : { وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ } ، اختلفت القرأة في قراءة ذلك : فقرأته عامة قرأة الكوفة والبصرة : { هَيْتَ لَكَ } ، بفتح ، الهاء والتاء ، بمعنى : هلمّ لك ، وادن ، وتقرّب ، كما قال الشاعر لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه :

أبْلِغْ أمِيرَ المُؤْمِنِينَ *** أخا العِراقِ إذَا أتَيْتا

أنّ العِرَاقَ وأهْلَهُ *** عُنُقٌ إليكَ فهَيْتَ هَيْتا

يعني : تعال ، واقرب .

وبنحو الذي قلنا في ذلك تأولّه من قرأه كذلك :

حدثني محمد بن عبد الله المخرمي ، قال : حدثنا أبو الجوّاب ، قال : حدثنا عمار بن زريق ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { هَيْتَ لَكَ } ، قال : هلمّ لك .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : { هَيْتَ لَكَ } ، قال : هلمّ لك .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : { هَيْتَ لَكَ } ، تقول : هلمّ لك .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زرّ بن حبيش ، أنه كان يقرأ هذا الحرف : { هَيْتَ لَكَ } ، نصبا ، أي : هلمّ لك .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج ، قال ابن عباس ، قوله : { هَيْتَ لَكَ } ، قال : تقول : هلمّ لك .

حدثني أحمد بن سهيل الواسطي ، قال : حدثنا قرة بن عيسى ، قال : حدثنا النضر بن عليّ الجزري ، عن عكرمة ، مولى ابن عباس ، في قوله : { هَيْتَ لَكَ } ، قال : هلمّ لك . قال : هي بالحورانية .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ } ، قال : كان الحسن يقول : هلمّ لك .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن : { هَيْتَ لَكَ } ، يقول بعضهم : هلمّ لك .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السديّ : { وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ } ، قال : هلمّ لك . وهي بالقبطية .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ، عن عمرو ، عن الحسن : { هَيْتَ لَكَ } ، قال : كلمة بالسريانية ، أي : عليك .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن : { هَيْتَ لَكَ } ، قال : هلمّ لك .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا خلف بن هشام ، قال : حدثنا محبوب ، عن قتادة ، عن الحسن : { هَيْتَ لَكَ } ، قال : هلمّ لك .

قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا حماد ، عن عاصم ، عن زر : { هَيْتَ لَكَ } ، أي : هلمّ .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا الثوري ، قال : بلغني في قوله : { هَيْتَ لَكَ } ، قال : هلمّ لك .

حدثنا أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا أبو عبيد ، قال : حدثنا عليّ بن عاصم ، عن خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه قرأ : { هَيْتَ لَكَ } ، وقال : تدعوه إلى نفسها .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله تعالى : { هَيْتَ لَكَ } ، قال : لغة عربية تدعوه بها .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله ، إلا أنه قال : لغة بالعربية تدعوه بها إلى نفسها .

حدثنا الحسن ، قال : حدثنا شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثل حديث محمد بن عمرو ، سواء .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا هشيم ، عن يونس ، عن الحسن : { هَيْتَ لَكَ } ، بفتح الهاء والتاء ، وقال : تقول : هلمّ لك .

حدثني الحرث ، قال أبو عبيدة : كان الكسائيّ يحكيها ، يعني : { هَيْتَ لَكَ } ، قال : وقال : وهي لغة لأهل حوران وقعت إلى الحجاز ، معناها : «تعال » . قال : وقال أبو عبيد : سألت شيخا عالما من أهل حوران ، فذكر أنها لغتهم يعرفها .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { هَيْتَ لَكَ } ، قال : تعال .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ } ، قال : هلمّ لك إليّ .

وقرأ ذلك جماعة من المتقدمين : { وَقالَتْ هِئْتُ لَكَ } بكسر الهاء ، وضمّ التاء ، والهمز ، بمعنى : تهيأت لك ، من قول القائل : هِئْتُ للأمر أَهِيء هَيْئَةً . وممن رُوي ذلك عنه ابن عباس ، وأبو عبد الرحمن السُلمِي ، وجماعة غيرهما .

حدثنا أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحجاج ، عن هارون ، عن أبان العطار ، عن قتادة : أن ابن عباس قرأها كذلك مكسورة الهاء مضمومة التاء . قال أحمد : قال أبو عبيد : لا أعلمها إلا مهموزة .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن أبان العطار ، عن عاصم ، عن أبي عبد الرحمن السلمي : { هِئْتُ لَكَ } ، أي تهيأت لك .

قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : كان عكرمة يقول : تهيأت لك .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : { هِئْتُ لَكَ } ، قال عكرمة : تهيأت لك .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن عاصم بن بهدلة ، قال : كان أبو وائل يقول : { هِئْتُ لَكَ } ، أي : تهيأت لك .

وكان أبو عمرو بن العلاء والكسائي ينكران هذه القراءة .

حُدثت عن عليّ بن المُغيرة ، قال : قال أبو عبيدة معمر بن المثنى ، شهدت أبا عمرو وسأله أبو أحمد ، أو أحمد ، وكان عالما بالقرآن ، عن قول من قال : { هِئْتُ لَكَ } ، بكسر الهاء وهمز الياء ، فقال : أبو عمرو . ينسي ، أي : باطل ، جعلها ، «فعِلت » ، من : «تهيأت » ، فهذا الخندق ، فاستعرض حتى تنتهِي إلى اليمن ، هل تعرف أحدا يقول : " هئت لك " ؟

حدثني الحرث ، قال : حدثنا القاسم ، قال : لم يكن الكسائي يحكي : " هِئْتُ لَكَ " عن العرب .

وقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة : { هِيتَ لَكَ } ، بكسر الهاء ، وتسكين الياء ، وفتح التاء .

وقرأه بعض المكيين : { هَيْتُ لَكَ } ، بفتح الهاء ، وتسكين الياء ، وضمّ التاء .

وقرأه بعض البصريين ، وهو عبد الله بن إسحاق : { هَيْتِ لَكَ } ، بفتح الهاء ، وكسر التاء . وقد أنشد بعض الرواة بيتا لطرفة بن العبد في «هَيْتُ » ، بفتح الهاء ، وضم التاء ، وذلك :

لَيْسَ قَوْمي بالأَبْعَدِينَ إذَا ما *** قالَ دَاعٍ مِنَ العَشِيرَةِ هَيْتُ

وأولى القراءة في ذلك ، قراءة من قرأه : { هَيْتَ لَكَ } ، بفتح الهاء والتاء ، وتسكين الياء ، لأنها اللغة المعروفة في العرب دون غيرها ، وأنها فيما ذكر قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال ابن مسعود : قد سمعتُ القرأة ، فسمعتهم متقاربين ، فاقرءوا كما علمتم ، وإياكم والتنطع والاختلاف ، فإنما هو كقول أحدكم : هلمّ ، وتعال . ثم قرأ عبد الله : { هَيْتَ لَكَ } ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن إن ناسا يقرءونها : { هِيتَ لَكَ } ، فقال عبد الله : إني أقرؤها كما عُلِّمْتُ ، أحبُّ إليّ .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقرأ هذه الآية : { وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ } ، قال : فقالوا له : ما كنا نقرؤها إلا : { هِيتَ لَكَ } ، فقال عبد الله : إني أقرؤها كما عُلِّمْتُ ، أحبُّ إليّ .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن منصور ، عن أبي وائل ، قال : قال عبد الله : { هَيْتَ لَكَ } ، فقال له مسروق : إن ناسا يقرءونها : { هِيتَ لَكَ } ، فقال : دعوني ، فإني أقرأ كما أُقْرِئْتُ ، أحبُّ إليّ .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا آدم العسقلاني ، قال : حدثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن شقيق ، عن ابن مسعود ، قال : { هَيْتَ لَكَ } ، بنصب الهاء والتاء ، وبلا همز .

وذكر أبو عبيدة معمر بن المثنى ، أن العرب لا تثني { هَيتَ لَكَ } ، ولا تجمع ، ولا تؤنث ، وأنها تصوّره في كلّ حال ، وإنما يتبين العدد بما بعد ، وكذلك التأنيث والتذكير ، وقال : تقول للواحد : " هيت لك " ، وللاثنين : " هيت لكما " ، وللجمع : " هيت لكم " ، وللنساء : " هيت لكن " .

وقوله : { قالَ مَعاذَ الله } ، يقول جلّ ثناؤه : قال يوسف ، إذ دعته المرأة إلى نفسها ، وقالت له : " هلمّ إليّ " : أعتصم بالله من الذي تدعوني إليه ، وأستجير به منه .

وقوله : { إنّهُ رَبّي أحْسَنَ مَثْوَايَ } ، يقول : إن صاحبك وزوجك سيدي . كما :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السديّ : { مَعاذَ اللّهِ إنّهُ رَبّي } ، قال : سيدي .

قال : حدثنا ابن نمير ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح : { إنّهُ رَبّي } ، قال : سيدي .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، عن ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : { قالَ مَعاذَ اللّهَ إنّهُ رَبّي أحْسَنَ مَثْوَايَ } ، قال : سيدي ، يعني : زوج المرأة .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { قالَ مَعاذَ اللّهِ إنّهُ رَبي } ، يعني : إطفير ، يقول : إنه سيدي .

وقوله : { أحْسَنَ مَثْوَايَ } ، يقول : أحسن منزلتي ، وأكرمني ، وائتمنني ، فلا أخونه . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، قال : { أحْسَنَ مَثْوَايَ } : أمنني على بيته وأهله .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : { أحْسَنَ مَثْوَايَ } ، فلا أخونه في أهله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : { أحْسَنَ مَثْوَايَ } ، قال : يريد يوسف : سيده زوج المرأة .

وقوله : { إنّهُ لا يُفْلِحُ الظّالُمِونَ } ، يقول : إنه لا يدرك البقاء ، ولا ينجح مَن ظلم ففعل ما ليس له فعله ، وهذا الذي تدعوني إليه من الفجور ظلم وخيانة لسيدي الذي ائتمنني على منزله . كما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : { إنّهُ لا يُفْلِحُ الظّالُمِونَ } ، قال : هذا الذي تدعوني إليه ظلم ، ولا يفلح من عمل به .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَرَٰوَدَتۡهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلۡأَبۡوَٰبَ وَقَالَتۡ هَيۡتَ لَكَۚ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ رَبِّيٓ أَحۡسَنَ مَثۡوَايَۖ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (23)

{ وراودته التي هو في بيتها عن نفسه } طلبت منه وتمحلت أن يواقعها ، من راد يرود إذا جاء وذهب لطلب شيء ومنه الرائد . { وغلّقت الأبواب } قيل كانت سبعة والتشديد للتكثير أو للمبالغة في الإيثاق . { وقالت هيت لك } أي أقبل وبادر ، أو تهيأت والكلمة على الوجهين اسم فعل بني على الفتح كأين واللام للتبيين كالتي في سقيا لك . وقرأ ابن كثير بالضم وفتح الهاء تشبيها له بحيث ، ونافع وابن عامر بالفتح وكسر الهاء كعيط . وقرأ هشام كذلك إلا أنه يهمز . وقد روي عنه ضم التاء وهو لغة فيه . وقرئ { هيت } كجير و " هئت " كجئت من هاء يهيء إذا تهيأ وقرئ هيئت وعلى هذا فاللام من صلته . { قال معاذ الله } أعوذ بالله معاذا . { إنه } إن الشأن . { ربي أحسن مثواي } سيدي قطفير أحسن تعهدي إذ قال لك في { أكرمي مثواه } فما جزاؤه أن أخونه في أهله . وقيل الضمير لله تعالى أي إنه خالقي أحسن منزلتي بأن عطف على قلبه فلا أعصيه . { إنه لا يفلح الظالمون } المجازون الحسن بالسيء . وقيل الزناة فإن الزنا ظلم على الزاني والمزني بأهله .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَرَٰوَدَتۡهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلۡأَبۡوَٰبَ وَقَالَتۡ هَيۡتَ لَكَۚ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ رَبِّيٓ أَحۡسَنَ مَثۡوَايَۖ إِنَّهُۥ لَا يُفۡلِحُ ٱلظَّـٰلِمُونَ} (23)

عطف قصة على قصة ، فلا يلزم أن تكون هذه القصة حاصلة في الوجود بعد التي قبلها . وقد كان هذا الحادث قبل إيتائه النبوءة لأن إيتاء النبوءة غلب أن يكون في سن الأربعين . والأظهر أنه أوتي النبوءة والرسالة بعد دخول أهله إلى مصر وبعد وفاة أبيه . وقد تعرضت الآيات لتقرير ثبات يوسف عليه السّلام على العفاف والوفاء وكرم الخلق .

فالمراودة المقتضية تكرير المحاولة بصيغة المفاعلة ، والمفاعلة مستعملة في التكرير . وقيل : المفاعلة تقديرية بأن اعتبر العمل من جانب والممانعة من الجانب الآخر من العمل بمنزلة مقابلة العمل بمثله . والمراودة : مشتقة من راد يرود ، إذا جاء وذهب . شبه حال المحاول أحداً على فعل شيء مكرراً ذلك . بحال من يذهب ويجيء في المعاودة إلى الشيء المذهوب عنه ، فأطلق راود بمعنى حاول .

و { عن } للمجاوزة ، أي راودته مباعدة له عن نفسه ، أي بأن يجعل نفسه لها . والظاهر أن هذا التركيب من مبتكرات القرآن ، فالنفس هنا كناية عن غرض المواقعة ، قاله ابن عطية ، أي فالنفس أريد بها عفافه وتمكينها منه لما تريد ، فكأنها تراوده عن أن يسلم إليها إرادته وحكمه في نفسه .

وأما تعديته ب ( على ) فذلك إلى الشيء المطلوب حصوله . ووقع في قول أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم يراود عمه أبا طالب على الإسلام : وفي حديث الإسلاء « فقال له موسى : قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذلك فتركوه » .

والتعبير عن امرأة العزيز بطريق الموصولية في قوله : { التي هو في بيتها } لقصد ما تؤذن به الصلة من تقرير عصمة يوسف عليه السّلام لأن كونه في بيتها من شأنه أن يطوّعه لمرادها .

و { بيتها } بيت سكناها الذي تبيت فيه . فمعنى { هو في بيتها } أنه كان حينئذٍ في البيت الذي هي به ، ويجوز أن يكون المراد بالبيت : المنزل كله ، وهو قصر العزيز . ومنه قولهم : ربة البيت ، أي زوجة صاحب الدار ويكون معنى { هو في بيتها } أنه من جملة أتباع ذلك المنزل .

وغلق الأبواب : جَعْل كل باب سادّاً للفرجة التي هو بها .

وتضعيف { غلّقت } لإفادة شدة الفعل وقوته ، أي أغلقت إغلاقاً محكماً .

والأبواب : جمع باب . وتقدم في قوله تعالى : { ادخلوا عليهم الباب } [ سورة المائدة : 23 ] .

و{ هَيتَ } اسم فعل أمر بمعنى بَادرْ . قيل أصلها من اللغة الحَوْرانية ، وهي نبطية . وقيل : هي من اللغة العبرانية .

واللام في { لك } لزيادة بيان المقصود بالخطاب ، كما في قولهم : سقياً لك وشكراً لك . وأصله : هيتَك . ويظهر أنها طلبت منه أمراً كان غير بدع في قصورهم بأن تستمتع المرأة بعبدها كما يستمتع الرجل بأمته ، ولذلك لم تتقدم إليه من قبل بترغيب بل ابتدأته بالتمكين من نفسها .

وسيأتي لهذا ما يزيده بياناً عند قوله تعالى : { قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءاً } .

وفي { هيت } لغات . قَرأ نافع ، وابن ذكوان عن ابن عامر ، وأبو جعفر بكسر الهاء وفتح المثناة الفوقية . وقرأه ابن كثير بفتح الهاء وسكون التحتية وضم الفوقية . وقرأه الباقون بفتح الهاء وسكون التحتية وضم التاء الفوقية ، والفتحة والضمة حركتا بناء .

و { مَعاذ } مصدر أضيف إلى اسم الجلالة إضافة المصدر إلى معموله . وأصله : أعوذ عَوذاً بالله ، أي أعتصم به مما تحاولين . وسيأتي بيانه عند قوله : { قال معاذ الله أن نأخذ } [ سورة يوسف : 79 ] في هذه السورة .

و ( إنّ ) مفيدة تعليل ما أفاده { معاذ الله } من الامتناع والاعتصام منه بالله المقتضي أن الله أمر بذلك الاعتصام .

وضمير { إنه } يجوز أن يعود إلى اسم الجلالة ، ويكون { ربي } بمعنى خالقي . ويجوز أن يعود إلى معلوم من المقام وهو زوجها الذي لا يرضى بأن يمسها غيره ، فهو معلوم بدلالة العرف ، ويكون { ربي } بمعنى سيدي ومالكي .

وهذا من الكلام الموجّه توجيهاً بليغاً حكي به كلام يوسف عليه السّلام إمّا لأن يوسف عليه السّلام أتى بمثل هذا التركيب في لغة القِبط ، وإما لأنه أتى بتركيبين عُذرين لامتناعه فحكاهما القرآن بطريقة الإيجاز والتوجيه .

وأياً ما كان فالكلام تعليل لامتناعه وتعريض بها في خيانة عهدها .

وفي هذا الكلام عبرة عظيمة من العفاف والتقوى وعصمة الأنبياء قبل النبوءة من الكبائر .

وذُكِرَ وصف الرب على الاحتمالين لما يؤذن به من وجوب طاعته وشكره على نعمة الإيجاد بالنسبة إلى الله ، ونعمة التربية بالنسبة لمولاه العزيز .

وأكدَ ذلك بوصفه بجملة { أحسن مثواي } ، أي جعل آخرتي حسنى ، إذ أنقذني من الهلاك ، أو أكرم كفالتي . وتقدم آنفاً تفسير المثوى .

وجملة { إنه لا يفلح الظالمون } تعليل ثان للامتناع . والضمير المجعول اسماً ل ( إن ) ضميرُ الشأن يفيد أهمية الجملة المجعولة خبراً عنه لأنها موعظة جامعة . وأشار إلى أن إجابتها لما راودته ظلم ، لأن فيها ظلم كليهما نفسه بارتكاب معصية مما اتفقت الأديان على أنها كبيرة ، وظلم سيده الذي آمنه على بينه وآمنها على نفسها إذ اتخذها زوجاً وأحصنها .