الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلۡفُلۡكِ ٱلَّتِي تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٖ فَأَحۡيَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٖ وَتَصۡرِيفِ ٱلرِّيَٰحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلۡمُسَخَّرِ بَيۡنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَعۡقِلُونَ} (164)

ثم قال : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ) الآية [ 163 ] .

هذه( {[5061]} ) الآية فيها تنبيه من الله عز وجل لخلقه على قدرته ونعمه . والآية دالة( {[5062]} ) على توحيده المقدم ذكره في الآية الأولى .

والمعنى : إن في رتبة هذه الأشياء وحدوثها وإحكام صنعتها( {[5063]} ) لعلامات بينة ، ودلالة( {[5064]} ) واضحة على توحيد خالقها وإيجاب العبادة له( {[5065]} ) دون غيره لقوم يعقلون( {[5066]} ) .

وروي أن قوله : ( وَإِلَهُكُمُ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) الآية ، لما نزلت ، قال المشركون : " ما البرهان على ذلك ونحن ننكر ذلك ، ونزعم أن لنا آلهة كثيرة ؟ فأنزل الله : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ )( {[5067]} ) الآية ، احتجاجاً عليهم فيما ادّعوا . هذا قول عطاء( {[5068]} ) .

والمعنى بهذه( {[5069]} ) القدرة والآيات( {[5070]} ) تعلمون أن الإله إله واحد لا تجب العبادة إلا له .

وقال أبو الضحى( {[5071]} ) : " لما نزلت : ( وَإِلَهُكُمُ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) الآية ، قال المشركون : إن كان هذا هكذا ، فليأتنا بآية . فأنزل الله : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ ) الآية( {[5072]} ) .

وروى ابن جبير أن قريشاً سألت/اليهود عما جاءهم به موسىن الآيات( {[5073]} )/فحدثوهم بالعصا وبيده بيضاء ، وسألوا النصارى عما جاءهم به عيسى صلى الله عليه وسلم من الآيات ، فحدثوهم أنه كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله . فقالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : " ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهباً ، فنزداد يقيناً ونتقوى به على/عدونا " . فسأل( {[5074]} ) النبي صلى الله عليه وسلم ربّه ، فأوحى الله عز وجل إليه : " إني أعطيهم أن أجعل لهم الصفا ذهباً . ولكن إن كذبوا بعد ، عذبتهم عذاباً لم أعذبه أحداً من العالمين " . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " دَعْنِي وَقَوْمِي فَأَدْعُوهُم( {[5075]} ) يَوْماً بِيَوْمٍ فَأَنْزَلَ الله تعالى : ( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ ) الآية( {[5076]} ) . أي : إن في ذلك لآية( {[5077]} ) لهم إن كانوا يريدون أن أجعل لهم آية . وقاله السدي( {[5078]} ) وغيره( {[5079]} ) .


[5061]:- في ق: فهذه.
[5062]:- في ع2، ح، ق، ع3: الدالة.
[5063]:- في ع3: صنعته.
[5064]:- في ح: دلالات.
[5065]:- سقط من ع2.
[5066]:- انظر: هذا المعنى بتوسع في جامع البيان 3/267.
[5067]:- سقط قوله: "والأرض" من ح.
[5068]:- انظر: جامع البيان 3/268، والمحرر الوجيز 2/33، والدر المنثور 1/395.
[5069]:- في ع3: فهذه.
[5070]:- في ع2، ع3: الآية.
[5071]:- اسمه مسلم بن صبيح الكوفي العطار، الهمذاني، مشهور بكنيته. ثقة فاضل، من رواة السنة. (ت100هـ). انظر: تقريب التهذيب 2/245.
[5072]:- انظر: تفسير الثوري 54، وأسباب النزول 48-49، ولباب النقول 31.
[5073]:- سقط قوله: "من الآيات" من ع2، ع3.
[5074]:- في ع2: فسل. وهو تحريف.
[5075]:- في ع3: فدعوهم. وهو تحريف.
[5076]:- رواه الحاكم في المستدرك 2/314، وقال: صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي.
[5077]:- في ق: لآيات.
[5078]:- انظر: جامع البيان 3/270.
[5079]:- كابن مسعود في تفسيره 2/80، وابن عباس في تفسير ابن كثير 1/202.