سورة مكية ، وآياتها مائة وثمان عشرة آية ، ابتدأت بإثبات الفلاح للمؤمنين ، وأتبعت ذلك ببيان صفاتهم . ثم ذكرت أصل خلق الإنسان ، وتطور أصله ، وتسلسل سلالاته ، وبعض مظاهر قدرة الله تعالي ، وعقبت ذلك بقصص الأنبياء المردفة باتحاد الرسالات ووحدة الإنسان ، وإن اختلف الناس إلي معترف ومنحرف ، ووصفت طالب الهدى وصاحب الضلال ، وبينت موقف المشركين من النبي صلي الله عليه وسلم وانتقلت من ذلك إلي مظهر قدرة اله في إحكام خلق الإنسان ، وأخذ سبحانه فيها يسأل الناس ليجيبوه بفطرهم بما يقرر وجوده ، ويثبت ألوهيته ، ثم بينت السورة أحوال الناس في القيامة ، وأنهم سيحاسبون ، ويؤخذون بالعدل ، وتختم السورة ببيان جلاله سبحانه وتعالي وتنبيه رسوله إلي طلب المغفرة والرحمة من أرحم الراحمين .
1- تَحَقَّق الفلاح للمؤمنين بالله وبما جاءت به الرسل ، وفازوا بأمانيهم .
سورة المؤمنون مكية وآياتها ثماني عشرة ومائة .
أخبرنا أبو حامد أحمد بن عبد السلام الصالحي ، أنبأنا أحمد بن الحسين الحيري ، أنبأنا حاجب بن أحمد الطوسي ، أنبأنا محمد بن حماد ، أنبأنا عبد الرزاق ، أنبأنا يونس بن سليمان قال : أملى علي يونس صاحب أيلة ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : { كان إذا نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه دوي كدوي النحل ، فمكثنا ساعة وفي رواية ، فنزل عليه يوماً فمكثنا ساعة ، فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال : اللهم زدنا ولا تنقصنا ، وأكرمنا ولا تهنا ، وأعطنا ولا تحرمنا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، وارض عنا ، ثم قال : لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ، ثم قرأ قد أفلح المؤمنون إلى عشر آيات " . ورواه أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، وجماعة عن عبد الرزاق ، وقالوا : " وأعطنا ولا تحرمنا وأرضنا وارض عنا " .
قوله تعالى : { قد أفلح المؤمنون } ( ( قد ) ) حرف تأكيد ، وقال المحققون : ( ( قد ) ) تقرب الماضي من الحال ، يدل على أن الفلاح قد حصل لهم ، وأنهم عليه في الحال ، وهو أبلغ من تجريد ذكر الفعل ، والفلاح النجاة والبقاء ، قال ابن عباس : " قد " سعد المصدقون بالتوحيد وبقوا في الجنة .
تفسير سورة المؤمنون{[1]}
هذا تنويه من الله ، بذكر عباده المؤمنين ، وذكر فلاحهم وسعادتهم ، وبأي : شيء وصلوا إلى ذلك ، وفي ضمن ذلك ، الحث على الاتصاف بصفاتهم ، والترغيب فيها . فليزن العبد نفسه وغيره على هذه الآيات ، يعرف بذلك ما معه وما مع غيره من الإيمان ، زيادة ونقصا ، كثرة وقلة ، فقوله { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } أي : قد فازوا وسعدوا ونجحوا ، وأدركوا كل ما يرام المؤمنون الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين الذين من صفاتهم الكاملة أنهم
{ بسم الله الرحمن الرحيم } { قد أفلح المؤمنون } قد فازوا بأمانيهم وقد ثبت المتوقع كما أن لما تنفيه وتدل على ثباته إذا دخلت على الماضي ، ولذلك تقربه من الحال ولما كان المؤمنون متوقعين ذلك من فضل الله صدرت بها بشارتهم ، وقرأ ورش عن نافع { قد أفلح } بإلقاء حركة الهمزة على الدال وحذفها ، وقرىء " أفلحوا " على لغة : أكلوني البراغيث ، أو على الإبهام والتفسير ، و { أفلح } بالضم اجتزاء بالضمة عن الواو و " أفلح " على البناء للمفعول .
تفسير سورة المؤمنون{[1]} .
أخبر الله تعالى عن فلاح المؤمنين وأنهم نالوا البغية وأحرزوا البقاء الدائم ، وروي عن كعب الأحبار أن الله تعالى لما خلق جنة عدن قال لها تكلمي فقالت { قد أفلح المؤمنون } ، وروي عن مجاهد أن الله تعالى لما خلق الجنة وأتقن حسنها قال { قد أفلح المؤمنون } ، وقرأ طلحة بن مصرف «قد أفلحُ المؤمنون » بضم الحاء يريد قد أفلحوا ، وهي قراءة مردودة{[8451]} ، وروي عنه «قد أُفلِح » بضم الهمزة وكسر اللام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.