{ يَا أَيُّهَاالْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ } أي : إنك ساع إلى الله ، وعامل بأوامره ونواهيه ، ومتقرب إليه إما بالخير وإما بالشر ، ثم تلاقي الله يوم القيامة ، فلا تعدم منه جزاء بالفضل إن كنت سعيدًا ، أو بالعدل إن كنت شقيًا{[1391]} .
وقوله : { يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا } أي : ساع إلى ربك سعيا ، وعامل عملا { فَمُلاقِيهِ } ثم إنك ستلقى ما عملتَ من خير أو شر . ويشهد له ما رواه أبو داود الطيالسي ، عن الحسن بن أبي جعفر ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال جبريل : يا محمد ، عش ما شئت فإنك ميت ، وأحبب ما شئت فإنك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه " {[29874]} .
ومن الناس من يعيد الضمير على قوله : { رَبِّك } أي : فملاق{[29875]} ربك ، ومعناه : فيجازيك بعملك ويكافئك على سعيك . وعلى هذا فكلا القولين متلازم .
قال العوفي ، عن ابن عباس : { يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا } يقول : تعمل عملا تلقى الله به ، خيرا كان أو شرا .
وقال قتادة : { يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا } إن كدحك - يا ابن آدم - لضعيف ، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل ، ولا قوة إلا بالله .
القول في تأويل قوله تعالى : { يَأَيّهَا الإِنسَانُ إِنّكَ كَادِحٌ إِلَىَ رَبّكَ كَدْحاً فَمُلاَقِيهِ * فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً * وَيَنقَلِبُ إِلَىَ أَهْلِهِ مَسْرُوراً } .
يقول تعالى ذكره : يا أيها الإنسان إنك عامل إلى ربك عملاً فملاقيه به : خيرا كان عملُك ذلك أو شرّا يقول : فليكن عملُك مما يُنجيك من سُخْطه ، ويوجب لك رضاه ، ولا يكن مما يُسخطه عليك فتهلك . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس يا أيّها الإنْسانُ إنّكَ كادحٌ إلى رَبّك كَدْحا فَمُلاقِيهِ يقول : تعمل عملاً تلقى الله به خيرا كان أو شرّا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : يا أيّها الإنْسانُ إنّكَ كادحٌ إلى رَبّكَ كَدْحا فَمُلاقِيهِ إن كدحك يا ابن آدم لضعيف ، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة الله فليفعل ، ولا قوّة إلا بالله .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : إنّكَ كادحٌ إلى رَبّكَ كَدْحا قال : عامل له عملاً .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : وسمعته يقول في ذلك إنّكَ كادحُ إلى رَبّكَ كَدْحا قال : عامل إلى ربك عملاً ، قال : كدحا : العمل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.