المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ} (34)

34- ولا تستوي الخصلة الحسنة ولا الخصلة القبيحة ، ادفع الإساءة - إن جاءتك من عدو - بالخصلة التي هي أحسن منها ، فتكون العاقبة العاجلة . إن الذي بينك وبينه عداوة كأنه ناصر مخلص .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ} (34)

قوله عز وجل{ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة } قال الفراء : " لا " هاهنا صلة معناه : ولا تستوي الحسنة والسيئة ، يعني الصبر والغضب ، والحلم والجهل ، والعفو والإساءة . { ادفع بالتي هي أحسن } قال ابن عباس : أمر بالصبر عند الغضب ، وبالحلم عند الجهل ، وبالعفو عند الإساءة . { فإذا الذي بينك وبينه عداوة } ، يعني : إذا فعلت ذلك خضع لك عدوك ، وصار الذي بينك وبينه عداوة ، { كأنه ولي حميم } كالصديق والقريب . قال مقاتل بن حيان : نزلت في أبي سفيان ابن حرب وذلك أنه لان للمسلمين بعد شدة عداوته بالمصاهرة التي حصلت بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أسلم فصار ولياً بالإسلام ، حميماً بالقرابة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ} (34)

{ 34 - 35 } { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ }

يقول تعالى : { وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ } أي : لا يستوي فعل الحسنات والطاعات لأجل رضا الله تعالى ، ولا فعل السيئات والمعاصي التي تسخطه ولا ترضيه ، ولا يستوي الإحسان إلى الخلق ، ولا الإساءة إليهم ، لا في ذاتها ، ولا في وصفها ، ولا في جزائها { هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ }

ثم أمر بإحسان خاص ، له موقع كبير ، وهو الإحسان إلى من أساء إليك ، فقال : { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } أي : فإذا أساء إليك مسيء من الخلق ، خصوصًا من له حق كبير عليك ، كالأقارب ، والأصحاب ، ونحوهم ، إساءة بالقول أو بالفعل ، فقابله بالإحسان إليه ، فإن قطعك فَصلْهُ ، وإن ظلمك ، فاعف عنه ، وإن تكلم فيك ، غائبًا أو حاضرًا ، فلا تقابله ، بل اعف عنه ، وعامله بالقول اللين . وإن هجرك ، وترك خطابك ، فَطيِّبْ له الكلام ، وابذل له السلام ، فإذا قابلت الإساءة بالإحسان ، حصل فائدة عظيمة .

{ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } أي : كأنه قريب شفيق .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ} (34)

ثم أرشد - سبحانه - إلى ما ينمى روح المحبة والمودة . . بين الداعى والمدعوين بصفة خاصة ، وبين المسلم وغيره بصفة عامة ، فقال : { وَلاَ تَسْتَوِي الحسنة وَلاَ السيئة } .

أى : ولا تستوى الخصلة الحسنة ولا الخصلة السيئة ، لا فى ذواتهما ولا فى الآثار التى تترتب عليهما ، إذا الخصلة الحسنة جميلة فى ذاتها ، وعظيمة فى الآثار الطيبة التى تنتج عنها ، أما الخصلة السيئة فهى قبيحة فى ذاتها وفى نتائجها .

وقوله - تعالى - : { ادفع بالتي هِيَ أَحْسَنُ } إرشاد منه - تعالى - إلى ما يجب أن يتحلى به عباده المؤمنون .

أى : ما دامت الخصلة الحسنة لا تتساوى مع الخصلة السيئة ، فعليك - أيها المسلم - أن تدفع السيئة إذا جاءتك من المسئ ، بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات ، بأن تقابل ذنبه بالعفو ، وغضبه بالصبر ، وقطعه بالصلة وفظاظته بالسماحة .

وقوله - سبحانه - : { فَإِذَا الذي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ } بيان للآثار الجميلة التى تترتب على دفع السيئة بالحسنة .

والولى : هو الصديق المحب الشفيق عليك ، من الولى بمعنى القرب .

والحميم : يطلق فى الأصل على الماء الحار . . والمراد به هنا : الصديق الصدوق معك .

أى : أنت إذا دفعت السيئة بالحسنة ، صار عدوك الذى أساء إليك ، كأنه قريب منك ، لأن من شأن النفوس الكريمة أنها تحب من أحسن إليها ، ومن عفا عنها ، ومن قابل شرها بالخير ، ومنعها بالعطاء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ} (34)

( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ) .

وليس له أن يرد بالسيئة ، فإن الحسنة لا يستوي أثرها - كما لا تستوي قيمتها - مع السيئة والصبر والتسامح ، والاستعلاء على رغبة النفس في مقابلة الشر بالشر ، يرد النفوس الجامحة إلى الهدوء والثقة ، فتنقلب من الخصومة إلى الولاء ، ومن الجماح إلى اللين :

( ادفع بالتي هي أحسن ، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم ) .

وتصدق هذه القاعدة في الغالبية الغالبة من الحالات . وينقلب الهياج إلى وداعة . والغضب إلى سكينة . والتبجح إلى حياء ؛ على كلمة طيبة ، ونبرة هادئة ، وبسمة حانية في وجه هائج غاضب متبجح مفلوت الزمام !

ولو قوبل بمثل فعله ازداد هياجاً وغضباً وتبجحاً ومروداً . وخلع حياءه نهائياً ، وأفلت زمامه ، وأخذته العزة بالإثم .

غير أن تلك السماحة تحتاج إلى قلب كبير يعطف ويسمح وهو قادر على الإساءة والرد . وهذه القدرة ضرورية لتؤتي السماحة أثرها . حتى لا يصور الإحسان في نفس المسيء ضعفاً . ولئن أحس أنه ضعف لم يحترمه ، ولم يكن للحسنة أثرها إطلاقاً .

وهذه السماحة كذلك قاصرة على حالات الإساءة الشخصية . لا العدوان على العقيدة وفتنة المؤمنين عنها . فأما في هذا فهو الدفع والمقاومة بكل صورة من صورها . أو الصبر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً .

وهذه الدرجة ، درجة دفع السيئة بالحسنة ، والسماحة التي تستعلي على دفعات الغيظ والغضب ، والتوازن الذي يعرف متى تكون السماحة ومتى يكون الدفع بالحسنى . . درجة عظيمة لا يلقاها كل إنسان . فهي في حاجة إلى الصبر . وهي كذلك حظ موهوب يتفضل به الله على عباده الذين يحاولون فيستحقون :

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ} (34)

{ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة } في الجزاء وحسن العاقبة و { لا } الثانية مزيدة لتأكيد النفي . { ادفع بالتي هي أحسن } ادفع السيئة حيث اعترضتك بالتي هي أحسن منها وهي الحسنة على أن المراد بالأحسن الزائد مطلقا ، أو بأحسن ما يمكن دفعها به من الحسنات ، وإنما أخرجه مخرج الاستئناف على أنه جواب من قال : كيف أصنع ؟ للمبالغة ولذلك وضع { أحسن } موضع الحسنة . { فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } أي إذا فعلت ذلك صار عدوك المشاق مثل الولي الشفيق .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَا تَسۡتَوِي ٱلۡحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُۚ ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيۡنَكَ وَبَيۡنَهُۥ عَدَٰوَةٞ كَأَنَّهُۥ وَلِيٌّ حَمِيمٞ} (34)

ثم وعظ تعالى نبيه عليه السلام ونبهه على أحسن مخاطبة ، فقرر أن الحسنة والسيئة لا تستوي ، أي فالحسنة أفضل ، وكرر في قوله : { ولا السيئة } تأكيداً ليدل على أن المراد : ولا تستوي الحسنة والسيئة ولا السيئة والحسنة ، فحذف اختصاراً ودلت { لا } على هذا الحذف .

وقوله تعالى : { ادفع بالتي هي أحسن } آية جمعت مكارم الأخلاق وأنواع الحلم ، والمعنى : ادفع أمورك وما يعرضك مع الناس ومخالطتك لهم بالفعلة أو بالسيرة التي هي أحسن السير والفعلات ، فمن ذلك بذل السلام ، وحسن الأدب ، وكظم الغيظ ، والسماحة في القضاء والاقتضاء وغير ذلك . قال ابن عباس : إذا فعل المؤمن هذه الفضائل عصمه الله من الشيطان وخضع له عدوه ، وفسر مجاهد وعطاء هذه الآية بالسلام عند اللقاء ، ولا شك أن السلام هو مبدأ الدفع بالتي هي أحسن وهو جزء منه ، ثم قال تعالى : { كأنه ولي حميم } فدخل كاف التشبيه لأن الذي عنده عداوة لا يعود ولياً حميماً ، وإنما يحسن ظاهره فيشبه بذلك الولي الحميم .

والحميم : هو القريب الذي يحتّم للإنسان{[10078]} .


[10078]:يحتم للإنسان: يهتم له، جاء في اللسان: واحتم له: اهتم، الأزهري: أحمني هذا الأمر واحتممت له كأنه اهتمام بحميم قريب، وأنشد: تعز على الصبابة لا تلام كأنك لا يلم بك احتمام