قوله : { أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا } يعني أعمالهم الصالحة التي عملوها في الدنيا ، وكلها حسن ، والأحسن بمعنى الحسن ، فيثيبهم عليها ، { ونتجاوز عن سيئاتهم } فلا نعاقبهم عليها ، قرأ حمزة والكسائي وحفص : { ونتجاوز } بالنون ، أحسن نصب ، وقرأ الآخرون بالياء ، وضمها ، أحسن رفع . { في أصحاب الجنة } مع أصحاب الجنة ، { وعد الصدق الذي كانوا يوعدون } وهو قوله عز وجل : { وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار } ( التوبة-72 ) .
{ أُولَئِكَ } الذين ذكرت أوصافهم { الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا } وهو الطاعات لأنهم يعملون أيضا غيرها . { وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ } فِي جملة { أَصْحَابُ الْجَنَّةِ } فحصل لهم الخير والمحبوب وزال عنهم الشر والمكروه .
{ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ } أي : هذا الوعد الذي وعدناهم هو وعد صادق من أصدق القائلين الذي لا يخلف الميعاد .
ثم بين - سبحانه - حسن عاقبة من يسلك هذا الطريق القويم فقال : { أولئك الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ . . } .
واسم الإِشارة يعود إلى الإِنسان باعتبار الجنس . أى : أولئك الموصوفون بما ذكر من الصفات الجميلة ، هم { الذين نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ } من الأعمال الطيبة المتقبلة عندنا . . . { وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيِّئَاتِهِمْ } فلا نعاقبهم عليها ، لكثرة توبتهم إلينا .
. بل نجعلهم { في } عداد { أَصْحَابِ الجنة } الخالدين فيها ، والمتنعمين بخيراتها .
فالجار والمجرور فى قوله { صْحَابِ الجنة } فى محل نصب على الحال ، على سبيل التشريف والتكريم ، كما تقول : أكرمنى الأمير فى أصحابه ، أى : حالة كونى معدودا من أصحابه .
وقوله - تعالى - : { وَعْدَ الصدق الذي كَانُواْ يُوعَدُونَ } تذييل مؤكد لما قبله . ولفظ { وَعْدَ } مصدر لفعل مقدر . أى : وعدهم الله - تعالى - وعد الصدق الذى كانوا يوعدون به على ألسنة الرسل فى الدنيا .
هذا ، وقد ذكر بعض المفسرين أن هاتين الآيتين نزلتا فى شأن أبى بكر الصديق - رضى الله عنه - ، وقد استجاب الله دعاءه ، فأسلم أبواه وأولاده جميعا .
ذلك شأن العبد الصالح ، صاحب الفطرة السليمة المستقيمة مع ربه . فأما شأن ربه معه ، فقد أفصح عنه هذا القرآن :
( أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ، ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة . وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ) . .
فالجزاء بحساب أحسن الأعمال . والسيئات مغفورة متجاوز عنها . والمآل إلى الجنة مع أصحابها الأصلاء . ذلك وفاء بوعد الصدق الذي وعدوه في الدنيا . ولن يخلف الله وعده . . وهو جزاء الفيض والوفر والإنعام .
{ أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا } يعني طاعاتهم فإن المباح حسن ولا يثاب عليه . { ونتجاوز عن سيئاتهم } لتوبتهم ، وقرأ حمزة الكسائي وحفص بالنون فيهما . { في أصحاب الجنة } كائنين في عدادهم أو مثابين أو معدودين فيهم . { وعد الصدق } مصدر مؤكد لنفسه فإن يتقبل ويتجاوز وعد { الذي كانوا يوعدون } أي في الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.