المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} (133)

133- وبادروا بالأعمال الصالحة ، لتنالوا مغفرة عظيمة لذنوبكم من اللَّه مالك أمركم ، وجنة واسعة عرضها كعرض السماوات والأرض هيئت لمن يتقون اللَّه وعذابه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} (133)

قوله تعالى : { وسارعوا } . قرأ أهل المدينة والشام سارعوا بلا واو .

قوله تعالى : { إلى مغفرة من ربكم } . أي بادروا وسابقوا إلى الأعمال التي توجب المغفرة . قال ابن عباس رضي الله عنهما إلى الإسلام ، وروى عنه إلى التوبة ، وبه قال عكرمة ، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى أداء الفرائض ، وقال أبو العالية إلى الهجرة ، وقال الضحاك إلى الجهاد ، وقال مقاتل إلى الأعمال الصالحة . وروي عن انس بن مالك أنها التكبيرة الأولى .

قوله تعالى : { وجنة } . أي وإلى جنة .

قوله تعالى : { عرضها السماوات والأرض } . أي عرضها كعرض السماوات والأرض ، كما قال في سورة الحديد ( وجنة عرضها كعرض السماء والأرض ) أي سعتها ، وإنما ذكر العرض على المبالغة لأن طول كل شيء في الأكثر والأغلب أكثر من عرضه ، يقول : هذه صفة عرضها فكيف طولها ؟ قال الزهري : إنما وصف عرضها فأما طولها فلا يعلمه إلا الله ، وهذا على التمثيل لا أنها كالسماوات والأرض لا غير . معناه كعرض السماوات السبع والأرضين السبع عند ظنكم ، كقوله تعالى ( خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض ) يعني عند ظنكم ، كقوله وإلا فهما زائلتان ، وروي عن طارق بن شهاب أن ناساً من اليهود سألوا عمر بن الخطاب وعنده أصحابه رضي الله عنهم قالوا : أرأيتم قوله ( وجنة عرضها السماوات والأرض ) فأين النار ؟ فقال عمر : أرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار ؟ وإذا جاء النهار أين يكون الليل ؟ فقالوا : إنها لمثلها في التوراة ، ومعناه أنه حيث يشاء الله . فإن قيل : قد قال الله تعالى : ( وفي السماء رزقكم وما توعدون ) وأراد بالذي وعدنا الجنة ، فإذا كانت الجنة في السماء فكيف يكون عرضها السماوات والأرض ؟ قيل : إن باب الجنة في السماء وعرضها السماوات والأرض ، كما أخبر ، وسئل انس بن مالك رضي الله عنه عن الجنة أفي السماء أم في الأرض ؟ فقال أي أرض وسماء تسع الجنة ؟ فقيل :فأين هي ؟ قال فوق السماوات السبع تحت العرش . قال قتادة : كانوا يرون الجنة فوق السماوات السبع تحت العرش ، وأن جهنم تحت الأرضين السبع .

قوله تعالى : { أعدت للمتقين } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} (133)

ثم أمرهم تعالى بالمسارعة إلى مغفرته وإدراك جنته التي عرضها السماوات والأرض ، فكيف بطولها ، التي أعدها الله للمتقين ، فهم أهلها وأعمال التقوى هي الموصلة إليها ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} (133)

ثم أمرهم - سبحانه - بالمبادرة إلى الأعمال الصالحة التى توصلهم إلى مغفرة الله ورضوانه فقال : { وسارعوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السماوات والأرض أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } .

قال الآلوسى : وسبب نزول هذه الآية على ما أخرجه عبد بن حميد وغيره عن عطاء بن أبى رباح : أن المسلمين قالوا : يا رسول الله . بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله منا ، كانوا إذا أذنب أحدهم ذنبا أصبحت كفارة ذنبه مكتوبة فى عتبة داره أجدع أنفك ، أجدع أذنك ، افعل كذا وكذا فسكت صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآيات إلى قوله { والذين إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً } الآية فقال النبى صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخير من ذلكم ثم تلاها عليهم " .

وقوله : { وسارعوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ } من السرعة بمعنى المبادرة إلى الشىء بدون تأخير أو تردد . والكلام على حذف مضاف : أى سارعوا وبادروا إلى ما يوصلكم إلى ما به تظفرون بمغفرة ربكم ورحمته ورضوانه وجنته ، بأن تقوموا بأداء ما كلفكم به من واجبات ، وتنتهوا عما نهاكم عنه من محظورات .

ولقد قرأ نافع وابن عامر بغير واو ، وهى قراءة أهل المدينة والشام . والباقون بالواو ، وهى قراءة أهل مكة والعراق .

فمن قرأ بالواو ، جعل قوله - تعالى - { وسارعوا } معطوفا على قوله { وَأَطِيعُواْ } أى : أطيعوا الله والرسول وسارعوا إلى مغفرة من ربكم .

ومن قرأ بغير واو جعل قوله " سارعوا " مستأنفا ، إذ هو بمنزلة البيان أو بدل الاشتمال .

و { مِّن } فى قوله { مِّن رَّبِّكُمْ } ابتدائية ، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة للمغفرة أى مغفرة كائنة من ربكم . .

ولقد عظم - سبحانه - بذلك شأن هذه المغفرة التى ينبغى طلبها بإسراع ومبادرة ، بأن جاء بها منكرة ، وبأن وصفها بأنها كائنة منه - سبحانه - هو الذى خلق الخلق بقدرته ، ورباهم برعايته .

ووصف - سبحانه - الجنة بأن عرضها السموات والأرض على طريقة التشبيه البليغ ، بدليل التصريح بحرف التشبيه فى قوله - تعالى - { سابقوا إلى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السمآء والأرض } قال الفخر الرازى ما ملخصه : وفى معنى أن عرض الجنة مثل عرض السموات والأرض وجوه منها : أن المراد لو جعلت السموات والأرضون طبقا طبقا ، بحيث تكون كل واحدة من تلك الطبقات سطحا مؤلفا من أجزاء لا تتجزأ ، ثم وصل البعض بالبعض طبقا واحدا لكان ذلك مثل عرض الجنة ، وهذا غاية فى السعة لا يعلمها إلا الله .

ومنها أن المقصود المبالغة فى وصف السعة للجنة ، وذلك لأنه لا شىء عندنا أعرض منهما ونظيره قوله

{ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السماوات والأرض } فإن أطول الأشياء بقاء عندنا هو السموات والأرض ، فخوطبنا على وفق ما عرفناه ، فكذا هنا " .

وخص - سبحانه - العرض بالذكر ، ليكون أبلغ فى الدلالة على عظمها واتساع طولها ، لأنه إذا كان عرضها كذا ، فإن العقل يذهب كل مذهب فى تصور طولها " لأن العرض فى العادة أقل من الطول . وذلك كقوله - تعالى - فى صفة فرش الجنة { مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } لأنه إذا كانت بطانة الفرش من الحرير فكيف يكون ما فوق البطانة مما تراه الأعين ؟ .

قال القفال : ليس المراد بالعرض ها هنا ما هو خلاف الطول ، بل هو عبارة عن السعة كما تقول العرب : بلاد عريضى ، ويقال هذه دعوى عريضة أي واسعة عظيمة . والأصل فيه أن ما اتسع عرضه لم يضق ، وما ضاق عرضه دق ، فجعل العرض كناية عن السعة " .

قال ابن كثير : وقد روينا فى مسند الإمام أحمد أن هرقل كتب إلى النبى صلى الله عليه وسلم يقول : " إنك دعوتنى إلى جنة عرضها السموات والأرض فأين النار ؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم : سبحان الله فأين الليل إذا جاء النهار " .

وعن أبى هريرة أن رجلا جاء إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال : " أرايت قوله - تعالى - : { جَنَّةٍ عَرْضُهَا السماوات والأرض } فأين النار قال : أرأيت الليل إذا جاء لبس كل شىء فأين النهار ؟ قال : حيث شاء الله قال صلى الله عليه وسلم : " وكذلك النار تكون حيث شاء الله " " .

وقوله - تعالى - { أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } أى هيئت للمتقين الذين صانوا أنفسهم عن محارم الله ، وجعلوا بينهم وبينها وقاية وساترا ، وخافوا مقام ربهم ونهوا أنفسهم عن الهوى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} (133)

121

( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ، وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين : الذين ينفقون في السراء والضراء . والكاظمين الغيظ . والعافين عن الناس . والله يحب المحسنين . والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله ، فاستغفروا لذنوبهم - ومن يغفر الذنوب إلا الله ؟ - ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون . . )

والتعبير هنا يصور أداء هذه الطاعات في صورة حسية حركية . . يصوره سباقا إلى هدف أو جائزة تنال :

( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم ) . . ( وجنة عرضها السماوات والأرض ) . . سارعوا فهي هناك : المغفرة والجنة . . ( أعدت للمتقين ) . .

/خ179

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} (133)

ثم نَدَبهم إلى المبادرة إلى فعْل الخيرات والمسارعة إلى نَيْل القُرُبات ، فقال : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } أي : كما أعدّت النار للكافرين . وقد قيل : إن معنى قوله : { عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ } تنبيها{[5670]} على اتساع طولها ، كما قال في صفة فرش الجنة : { بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ } [ الرحمن : 54 ] أي : فما ظنك بالظهائر ؟ وقيل : بل عرضها كطولها ؛ لأنها قبة تحت العرش ، والشيء المُقَبَّب والمستدير عَرْضُه كطوله . وقد دل على ذلك ما ثبت في الصحيح : " إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ الجنة فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ ، وَسَقْفُهَا عَرْشُ الرَّحْمَنِ " {[5671]} .

وهذه الآية كقوله تعالى في سورة الحديد : { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ } الآية [ رقم21 ] .

وقد روينا في مسند الإمام أحمد : أنّ هِرَقْل كَتَبَ إلى النبي صلى الله عليه وسلم : إنك دَعَوْتني إلى جنة عَرْضُها السماوات والأرض ، فأين النار ؟ فقال النبي{[5672]} صلى الله عليه وسلم : " سُبْحَانَ اللهِ ! فأين{[5673]} الليل إذَا جَاءَ النَّهَارُ ؟ " {[5674]} .

وقد رواه ابنُ جرير فقال : حدثني يونس ، أنبأنا ابنُ وَهْب ، أخبرني مسلم بن خالد ، عن أبي خُثَيم ، عن سعيد بن أبي راشد ، عن يعلى بن مُرَّة{[5675]} قال : لَقِيت التَّنوخي رَسُولَ هِرَقْل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحِمْص ، شيخا كبيرا فَسَدَ ، قال : قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب هِرَقْل ، فنَاول الصحيفة رَجُلا عن يساره . قال : قلت : من صاحبكم الذي يقرأ ؟ قالوا : معاوية . فإذا كتاب صاحبي : " إنك كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدّت للمتقين ، فأين النار ؟ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سُبْحَانَ الله ! فأيْنَ اللَّيْلُ إذَا جَاءَ النَّهَارُ ؟ " {[5676]} .

وقال الأعمش ، وسفيان الثوري ، وشُعْبَة ، عن قيس بن مسلم{[5677]} عن طارق بن شهاب ، أن ناسا من اليهود سألوا عُمَرَ بن الخطاب عن جنة عرضها السماوات والأرض ، فأين النار ؟ فقال عمر [ رضي الله عنه ]{[5678]} أرأيتم إذا جاء الليل أين النهار ؟ وإذا جاء النهار أين الليل ؟ فقالوا : لقد نزعت مثْلَها من التوراة .

رواه ابن جرير من الثلاثة الطرق{[5679]} {[5680]} ثم قال : حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا جعفر بن بُرْقَان ، أنبأنا يزيد بن الأصم : أن رجلا من أهل الكتاب قال : يقولون : { جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ } فأين النار ؟ فقال ابن عباس : أين يكون الليل إذا جاء النهار ، وأين يكون النهار إذا جاء الليل ؟{[5681]} .

وقد رُوي هذا مرفوعا ، فقال البَزّار : حدثنا محمد بن مَعْمَر ، حدثنا المغيرة بن سلمة أبو هشام ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم ، عن عَمّه يزيد بن الأصَم ، عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أرأيت قوله تعالى : { جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأرْضُ } فأين النار ؟ قال : " أرَأيْتَ اللَّيْلَ إذا جَاءَ لَبسَ كُلَّ شَيْءٍ ، فَأيْنَ النَّهَار ؟ " قال : حيث شاء الله . قال : " وَكَذِلَكَ{[5682]} النَّارُ تكون حيث شاء الله عز وجل " {[5683]} .

وهذا يحتمل معنيين :

أحدهما : أن يكون المعنى في ذلك : أنه لا يلزم من عدم مشاهدتنا الليل إذا جاء النهار ألا يكون في مكان ، وإن كنا لا نعلمه ، وكذلك النار تكون حيث يشاء الله عز وجل ، وهذا{[5684]} أظهر كما تقدم في{[5685]} حديث أبي هريرة ، عن{[5686]} البزار .

الثاني : أن يكون المعنى : أن النهار إذا تغشى وجه العالم من هذا الجانب ، فإن الليل يكون من الجانب الآخر ، فكذلك الجنة في أعلى عليّين فوق السماوات تحت العرش ، وعرضها كما قال الله ، عز وجل : { كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ } [ الحديد : 21 ] والنار في أسفل سافلين . فلا تنافي بين كونها كعرض السماوات والأرض ، وبين وجود النار ، والله أعلم .


[5670]:في ر: "تنبيه".
[5671]:صحيح البخاري برقم (2790) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[5672]:في جـ، ر: "رسول الله".
[5673]:في و: "أين".
[5674]:المسند (3/442) من حديث التنوخي. وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (5/15): "هذا حديث غريب تفرد به أحمد وإسناده لا بأس به".
[5675]:في ق: "أبي مرة" وهو خطأ".
[5676]:تفسير الطبري (7/211، 212).
[5677]:في أ: "سلمة".
[5678]:زيادة من أ.
[5679]:في جـ، ر: "طرق".
[5680]:تفسير الطبري (7/211، 212).
[5681]:في جـ، ر، أ، و: "فقال ابن عباس: أرأيت إذا جاء الليل أين يكون النهار، وإذا جاء النهار أين يكون الليل".
[5682]:في أ: "فلذلك"، وفي و: "فكذلك".
[5683]:ورواه الحاكم في المستدرك (1/36) من طريق محمد بن معمر عن المغيرة به. وقال: "على شرطهما ولم يخرجاه ولا أعلم له علة"ووافقه الذهبي.
[5684]:في أ: "فهذا".
[5685]:في أ: "من".
[5686]:في أ: "عند".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} (133)

{ وسارعوا } بادروا وأقبلوا . { إلى مغفرة من ربكم } إلى ما يستحق به المغفرة ، كالإسلام والتوبة والإخلاص . وقرأ نافع وابن عامر سارعوا بلا واو . { وجنة عرضها السماوات والأرض } أي عرضها كعرضهما ، وذكر العرض للمبالغة في وصفها بالسعة على طريقة التمثيل ، لأنه دون الطول . وعن ابن عباس كسبع سماوات وسبع أرضين لو وصل بعضها ببعض ، { أعدت للمتقين } هيئت لهم ، وفيه دليل على أن الجنة مخلوقة وإنها خارجة عن هذا العالم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} (133)

{ سارعوا إلى مغرفة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض } .

قرأ نافع وابن عامر وأبو جعفر { سارعوا } دون واو عطف .

تتنزل جملة { سارعوا . . } منزلة البيان ، أو بدل الاشتمال ، لجملة { وأطيعوا الله والرسول } لأن طاعة الله والرسول مسارعة إلى المغفرة والجنة فلذلك فصلت . ولكون الأمر بالمسارعة إلى المغفرة والجنة يؤول إلى الأمر بالأعمال الصالحة ، جاز عطف الجملة على جملة الأمر بالطاعة ، فلذلك قرأ بقية العشرة وسارعوا بالعطف . وفي هذه الآية ما ينبأنا بأنه يجوز الفصل في بعض الجمل باعتبارين .

والسرعة المشتق منها سارعوا مجاز في الحرص والمنافسة والقبور إلى عمل الطاعات التي هي سبب المغفرة والجنة ، ويجوز أن تكون السرعة حقيقة ، وهي سرعة الخروج إلى الجهاد عند التنفير كقوله في الحديث وإذا استنفرتم فانفروا .

والمسارعة على التقادير كلها تتعلق بأسباب المغفرة ، وأسباب دخول الجنة ، فتعليقها بذات المغفرة والجنة من تعليق الأحكام بالذوات على إرادة أحوالها عند ظهور عدم الفائدة في التعلق بالذات .

وجيء بصيغة المفاعلة ، مجرد عن المعنى حصول الفعل من جانبين ، قصد المبالغة في طلب الإسراع ، والعرب تأتي بما يدل على الوضع على تكرر الفعل وهم يريدون التأكيد والمبالغة دون التكرير ، ونظيره التثنية في قولهم : لبيك وسعديك ، وقوله تعالى { ثم ارجع البصر كرتين } .

وتنكير { مغفرة } ووصلها بقوله { من ربكم } مع تأتي الإضافة بأن يقال إلى مغفرة ربكم ، لقصد الدلالة على التعظيم ، ووصف الجنة بان عرضها السماوات والأرض على طريقة التشبيه البليغ ، بدليل التصريح بحرف التشبيه في نظيرتها في آية سورة الحديد . والعرض في كلام العرب يطلق على ما يقابل الطول ، وليس هو المراد هنا ، ويطلق على الاتساع لأن الشيء العريض هو الواسع في العرف بخلاف الطويل غير العريض فهو ضيق ، وهذا كقول العديل :

ودون يد الحجاج من أن تنالني *** بساط بأيدي الناعجات عريض

وذكر السماوات والأرض على طريقة العرب في تمثيل شدة الاتساع . وليس المراد حقيقة عرض السماوات والأرض ليوافق قول الجمهور من علمائنا بأن الجنة مخلوق الآن ، وأنها في السماء ، وقيل : هو عرضها حقيقة ، وهي مخلوقة الآن لكنها أكبر من السماوات وهي فوق السماوات تحت العرش ، وقد روي : العرش سقف الجنة . وأما من قال : إن الجنة لن تخلق الآن وستخلق يوم القيامة ، وهو قول المعتزلة وبعض أهل السنة منهم منذر بن سعيد البلوطي الأندلسي الظاهري ، فيجوز عندهم أن تكون كعرض السماوات والأرض بأن تخلق في سعة الفضاء الذي كان يملؤه السماوات والأرض أو في سعة فضاء أعظم من ذلك . وأدلة الكتاب والسنة ظاهرة في أن الجنة مخلوقة ، وفي حديث رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وسلم وهو الحديث الطويل الذي فيه قوله إن جبريل وميكال قالا له : ارفع رأسك ، فرفع فإذا فوقه مثل السحاب ، قالا : هذا منزلك ، قال : فقلت : وعامي أدخل منزلي ، قالا : إنه بقي لك لم تستكمله فلو استكملت أتيت منزلك .

{ أعدت للمتقين }

وأعقب وصف الجنَّة بذكر أهلها لأنّ ذلك ممَّا يزيد التَّنويه به ، ولم يزل العقلاء يتخيّرون حسن الجوار كما قال أبو تمام :

مَنْ مُبْلِغُ أفْنَاءَ يعرُب كلّها *** أني بَنيت الجارَ قبل المنزلِ

وجملةُ { أعدّت للمتّقين } استئناف بياني لأنّ ذكر الجنَّة عقب ذكر النَّار الموصوفة بأنَّها أعدّت للكافرين يثير في نفوس السامعين أن يتعرّفوا مَن الذين أعدّت لهم : فإن أريد بالمتَّقين أكمل ما يتحقّق فيه التَّقوى ، فإعدادها لهم لأنَّهم أهلها فضلاً من الله تعالى الّذين لا يلجون النار أصلاً عدلاً من الله تعالى فيكون مقابلَ قوله : { واتقوا النار التي أُعدت للكافرين } [ آل عمران : 131 ] ، ويكون عصاة المؤمنين غير التَّائبين قد أخذوا بحظّ من الدارين ، لمشابهة حالهم حالَ الفريقين عدلاً من الله وفضلاً ، وبمقدار الاقتراب من أحدهما يكون الأخذ بنصيب منه ، وأريد المتّقون في الجملة فالإعداد لهم باعتبار أنَّهم مقدّرون من أهلها في العاقبة .

وقد أجرى على المتَّقين صفات ثناءٍ وتنويه ، هي ليست جماع التَّقوى ، ولكن اجتماعها في محلّها مؤذن بأنّ ذلك المحلّ الموصوف بها قد استكمل ما به التقوى ، وتلك هي مقاومة الشحّ المُطاع ، والهوَى المتَّبع .