فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} (133)

وقوله : { وَسَارِعُوا } عطف على أطيعوا ، وقرأ نافع ، وابن عامر «سارعوا » بغير واو ، وكذلك في مصاحف أهل المدينة ، وأهل الشام ، وقرأ الباقون بالواو . قال أبو علي : كلا الأمرين سائغ مستقيم . والمسارعة : المبادرة ، وفي الآية حذف ، أي : سارعوا إلى ما يوجب المغفرة من الطاعات . وقوله : { عَرْضُهَا السماوات والأرض } أي : عرضها ، كعرض السماوات ، والأرض ، ومثله الآية الأخرى { عَرْضُهَا كَعَرْضِ السماء والأرض } [ الحديد : 21 ] وقد اختلف في معنى ذلك ، فذهب الجمهور إلى أنها تقرن السماوات ، والأرض بعضها إلى بعض ، كما تبسط الثياب ، ويوصل بعضها إلى بعض ، فذلك عرض الجنة ، ونبه بالعرض على الطول ؛ لأن الغالب أن الطول يكون أكثر من العرض ، وقيل : إن هذا الكلام جاء على نهج كلام العرب من الاستعارة دون الحقيقة ، وذلك أنها ما كانت الجنة من الاتساع ، والانفساح في غاية قصوى ، حسن التعبير عنها بعرض السماوات ، والأرض مبالغة ؛ لأنهما أوسع مخلوقات الله سبحانه فيما يعلمه عباده ، ولم يقصد بذلك التحديد .

/خ136