الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{۞وَسَارِعُوٓاْ إِلَىٰ مَغۡفِرَةٖ مِّن رَّبِّكُمۡ وَجَنَّةٍ عَرۡضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ أُعِدَّتۡ لِلۡمُتَّقِينَ} (133)

قوله : ( سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ ) الآية [ 133 ] معناه : بادروا بالأعمال الصالحات ، أي : إلى ستر ذنوبكم من ربكم ، والمغفرة الستر –ومنها المغفر( {[10845]} ) . وسارعوا أيضاً إلى جنة هذه صفتها .

ومعنى ( عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالاَرْضُ ) : أي عرضها كعرض السماوات السبع ، والأراضين السبع إذا ضم بعضها إلى بعض( {[10846]} ) . قال ابن عباس : تقرن السماوات السبع ، والأرضون السبع كما تقرن الثياب بعضها إلى بعض ، فذلك عرض الجنة ولا يصف أحد طولها لاتساعه ، والله أعلم بذلك( {[10847]} ) . وعن ابن عباس أيضاً أنه قال : لو أن السماوات بسطن ، ثم وصل بعضها إلى بعض ما كُنَّ في سعة خلق الله إلا بمنزلة( {[10848]} ) الحلقة في المفازة( {[10849]} ) . وكم لله من عالم أعظم من السماوات والأرض !

[ وروي أن لله تعالى اثني عشر عالماً السماوات والأرض ]( {[10850]} ) منها عالم واحد .

قال أبو محمد رضي الله عنه : والله أعظم من ذلك كله ، ويقدر على أكثر من ذلك كله لا إله إلا هو .

وقد قيل معنى ( عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالاَرْضُ ) أي : سعتها كسعتهن ومن قول العربي أرض عريضة أي : واسعة ، وليس يريد العرض الذي هو خلاف الطول .

قال أنس بن مالك : يعني بالمسارعة : التكبيرة الأولى .

وسئل النبي عليه السلام وقيل له : هذه الجنة عرضها السموات والأرض فأين النار ؟ فقال : هذا النهار إذا جاء فأين الليل( {[10851]} ) ؟ وروي أن بعض أهل نجران سألوا عمر عن ذلك فأجابهم بذلك فقالوا : لقد نازعت( {[10852]} ) بمثل ما في التوراة( {[10853]} ) .


[10845]:- انظر: المفردات 374.
[10846]:- انظر: جامع البيان 4/91.
[10847]:- انظر: المصدر السابق.
[10848]:- (أ) (ج): إلا كحلقة بمنزلة.
[10849]:- انظر: الدر المنثور 2/314.
[10850]:- ساقط من (ج).
[10851]:- انظر: تخريجه في المسند بتحقيق شاكر 3/441، وانظر: جامع البيان 4/92 والدر المنثور 2/315.
[10852]:- لقد نزعت: لقد أتيت بما يشبه، انظر: اللسان (نزع) 8/349.
[10853]:- انظر: جامع البيان 4/92.