المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

88- وكذلك كان موقفكم حيال رسولنا - محمد - خاتم النبيين . فلقد قلتم له حينما دعاكم إلى الإسلام : إن قلوبنا مغطاة بأغشية لا تنفذ إليها دعوتك ، فلا نكاد نفقه شيئاً مما تقول . ولم تكن قلوبهم كما يزعمون ، ولكنهم استكبروا وآثروا الضلالة على الهدى ، فلعنهم الله بكفرهم وأوهن يقينهم وأضعف إيمانهم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

قوله تعالى : { وقالوا } . يعني اليهود .

قوله تعالى : { قلوبنا غلف } . جمع أغلف وهو الذي عليه غشاوة ، معناه عليها غشاوة فلا تسمع ولا تفقه ما يقول ، قال مجاهد و قتادة : نظيره قوله تعالى :{ وقالوا قلوبنا في أكنة } وقرأ ابن عباس : غلف بضم اللام وهي قراءة الأعرج وهو جمع غلاف أي قلوبنا أوعية لكل علم فلا تحتاج إلى علمك قاله ابن عباس وعطاء وقال الكلبي : معناه أوعية لكل علم فهي لا تسمع حديثاً إلا وعته إلا حديثك لا تعقله ولا تعيه ولو كان فيه خير لوعته وفهمته .

قوله تعالى : { بل لعنهم الله } . طردهم الله وأبعدهم عن كل خير .

قوله تعالى : { بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون } . قال قتادة : معناه لا يؤمن منهم إلا قليل ، لأن من آمن من المشركين أكثر ممن آمن من اليهود ، أي فقليلاً يؤمنون ، ونصب قليلاً على الحال . وقال معمر : لا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم ويكفرون بأكثره ، أي فقليل يؤمنون ونصب قليلاً بنزع الخافض ، وما صلة على قولهما ، وقال الواقدي : معناه لا يؤمنون قليلاً ولا كثيراً كقول الرجل للآخر : ما أقل ما تفعل كذا أي لا تفعله أصلاً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

{ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ }

أي : اعتذروا عن الإيمان لما دعوتهم إليه ، يا أيها الرسول ، بأن قلوبهم غلف ، أي : عليها غلاف وأغطية ، فلا تفقه ما تقول ، يعني فيكون لهم - بزعمهم - عذر لعدم العلم ، وهذا كذب منهم ، فلهذا قال تعالى : { بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ } أي : أنهم مطرودون ملعونون ، بسبب كفرهم ، فقليلا المؤمن منهم ، أو قليلا إيمانهم ، وكفرهم هو الكثير .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

ثم حكى القرآن بعض الدعاوى الباطلة التي كان يدعيها اليهود في العصر النبوي ورد عليها بما يدحضها فقال : { وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ } أي : قال اليهود الذين كانوا في العهد النبوي : قلوبنا يا محمد مغطاة بأغطية حسية مانعة من نفوذ ما جئت به فيها . ومقصدهم من ذلك ، إقناطه صلى الله عليه وسلم من إجابتهم لدعوته حتى لا يعيد عليهم الدعوة من بعد .

والغلف : جمع أغلف ، وهو الذي جعل له غلاف ، ومنه قيل للقلب الذي لا يعى ولا يفهم ، قلب أغلف ، كأنه حجب عن الفهم بالغلاف .

قال ابن كثير : وقرأ ابن عباس - بضم اللام - وهو جمع غلاف . أي : قلوبنا أوعية لكل علم فلا نحتاج إلى علمك .

وقد رد الله - تعالى - على كذبهم هذا بما يدحضه ويفضحه فقال :

{ بَل لَّعَنَهُمُ الله بِكُفْرِهِمْ } أي : أن قلوبهم ليست غلفاً بحيث لا تصل إليها دعوة الحق بل هي متمكنة بأصل فطرتها من قبول الحق ، ولكن الله أبعدهم من رحمته بسبب كفرهم بالأنبياء واستحبابهم العمى على الهدى .

والفاء في قوله : { فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ } للدلالة على أن ما بعدها متسبب عما قبلها و { مَّا } في قوله { فَقَلِيلاً مَّا } لتأكيد معنى الفلة .

والمعنى أن الله لعنهم وكان هذا اللعن سبباً لقلة إيمانهم فلا يؤمنون إلا إيماناً قليلا ، وقلة الإِيمان ترجع إلى معنى أنهم لا يؤمنون إلا بقليل مما يجب عليهم الإِيمان به . وقد وصفهم الله - تعالى - فيما سبق بأنهم كانوا يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض .

ثم نبه القرآن المؤمنين إلى نوع آخر من رذائل اليهود ، ويتجلى هذا النوع في جحودهم الحق عن معرفة وعناد ، وكراهتهم الخير لغيرهم يدافع الأنانية والحسد ، وتحولهم إلى أناس يتميزون من الغيظ إذا ما رأوا نعمة تساق لغير أبناء ملتهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

75

ذلك كان موقفهم مع أنبيائهم ، يبينه ويقرره ، ثم يجابههم بموقفهم من الرسالة الجديدة والنبي الجديد ، فإذا هم هم ، كأنهم أولئك الذين جابهوا الأنبياء من قبل :

( وقالوا : قلوبنا غلف . بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم - وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا - فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به . فلعنة الله على الكافرين . بئسما اشتروا به أنفسهم : أن يكفروا بما أنزل الله - بغيا ، أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده - فباؤوا بغضب على غضب ، وللكافرين عذاب مهين . وإذا قيل لهم : آمنوا بما أنزل الله ، قالوا : نؤمن بما أنزل علينا . ويكفرون بما وراءه ، وهو الحق مصدقا لما معهم ، قل : فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين ؟ ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون . وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور : خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا . قالوا : سمعنا وعصينا ، وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم . قل : بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين ! ) . .

إن الأسلوب هنا يعنف ويشتد ، ويتحول - في بعض المواضع - إلى صواعق وحمم . . إنه يجبههم جبها شديدا بما قالوا وما فعلوا ؛ ويجردهم من كل حججهم ومعاذيرهم ، التي يسترون بها استكبارهم عن الحق ، وأثرتهم البغيضة ، وعزلتهم النافرة ، وكراهتهم لأن ينال غيرهم الخير ، وحسدهم أن يؤتي الله أحدا من فضله . جزاء موقفهم الجحودي المنكر من الإسلام ورسوله الكريم . .

( وقالوا : قلوبنا غلف . بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ) . .

قالوا : إن قلوبنا مغلفة لا تنفذ إليها دعوة جديدة ، ولا تستمع إلى داعية جديد ! قالوها تيئيسا لمحمد [ ص ] وللمسلمين ، من دعوتهم إلى هذا الدين ؛ أو تعليلا لعدم استجابتهم لدعوة الرسول . .

ويقول الله ردا على قولتهم : ( بل لعنهم الله بكفرهم ) . . أي إنه طردهم وأبعدهم عن الهدى بسبب كفرهم . فهم قد كفروا ابتداء فجازاهم الله على الكفر بالطرد وبالحيلولة بينهم وبين الانتفاع بالهدى . . ( فقليلا ما يؤمنون ) . . أي قليلا ما يقع منهم الإيمان بسبب هذا الطرد الذي حق عليهم جزاء كفرهم السابق ، وضلالهم القديم . أو أن هذه حالهم : أنهم كفروا فقلما يقع منهم الإيمان ، حالة لاصقة بهم يذكرها تقريرا لحقيقتهم . . وكلا المعنيين يتفق مع المناسبة والموضوع .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

قال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة أو سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } أي : في أكنة .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } أي : لا تفقه .

وقال العوفي ، عن ابن عباس : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } [ قال ]{[2145]} هي القلوب المطبوع عليها .

وقال مجاهد : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } عليها غشاوة .

وقال عكرمة : عليها طابع . وقال أبو العالية : أي لا تفقه . وقال السدي : يقولون : عليها غلاف ، وهو الغطاء .

وقال عبد الرزاق ، عن مَعْمَر ، عن قتادة : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } هو كقوله : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ } [ فصلت : 5 ] .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، في قوله : { غُلْفٌ } قال : يقول : قلبي في غلاف فلا يَخْلُص إليه ما تقول ، قرأ{[2146]} { وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ }

وهذا هو الذي رجحه ابن جرير ، واستشهد مما روي من حديث عمرو بن مُرّة الجملي ، عن أبي البختري ، عن حذيفة ، قال : القلوب أربعة . فذكر منها : وقلب أغلف مَغْضُوب عليه ، وذاك قلب الكافر .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عبد الرحمن العَرْزَمي ، أنبأنا أبي ، عن جدي ، عن قتادة ، عن الحسن في قوله : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } قال : لم تختن .

هذا{[2147]} القول يرجع معناه إلى ما تقدم من عدم طهارة قلوبهم ، وأنها بعيدة من الخير .

قول آخر :

قال الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } قال قالوا : قلوبنا مملوءة علمًا لا تحتاج إلى علم محمد ، ولا غيره .

وقال عطية العوفي : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } أي : أوعية للعلم .

وعلى هذا المعنى جاءت قراءة بعض الأنصار{[2148]} فيما حكاه ابن جرير : " وقالوا قلوبنا غُلُف " بضم اللام ، أي : جمع غلاف ، أي : أوعية ، بمعنى أنهم ادعوا{[2149]} أن قلوبهم مملوءة بعلم لا يحتاجون معه إلى علم آخر . كما كانوا يَمُنُّون{[2150]} بعلم التوراة . ولهذا قال تعالى : { بَل لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلا مَّا يُؤْمِنُونَ } ، أي : ليس الأمر كما ادعوا بل قلوبهم ملعونة مطبوع عليها ، كما قال في سورة النساء : { وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا } [ النساء : 155 ] . وقد اختلفوا في معنى قوله : { فَقَلِيلا مَّا يُؤْمِنُونَ } وقوله : { فَلا يُؤْمِنُونَ إِلا قَلِيلا } ، فقال بعضهم : فقليل من يؤمن منهم [ واختاره فخر الدين الرازي وحكاه عن قتادة والأصم وأبي مسلم الأصبهاني ] وقيل : فقليل إيمانهم . بمعنى أنهم يؤمنون بما جاءهم به موسى من أمر المعاد والثواب والعقاب ، ولكنه إيمان لا ينفعهم ، لأنه مغمور بما كفروا به من الذي جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم .

وقال بعضهم : إنهم كانوا غير مؤمنين بشيء ، وإنما قال : { فَقَلِيلا مَا يُؤْمِنُونَ } وهم بالجميع كافرون ، كما تقول العرب : قلما رأيت مثل هذا قط . تريد : ما رأيت مثل هذا قط . [ وقال الكسائي : تقول العرب : من زنى بأرض قلما تنبت ، أي : لا تنبت شيئًا ]{[2151]} .

حكاه{[2152]} ابن جرير ، والله أعلم .


[2145]:زيادة من جـ، ط.
[2146]:في جـ، ط، ب: "وقرأ".
[2147]:في جـ، ط، ب: "وهذا".
[2148]:في أ، و: "بعض الأمصار".
[2149]:ف جـ: "أنهم زعموا".
[2150]:في أ: "كما كانوا يكتمون".
[2151]:زيادة من جـ، ط، ب، أ، و.
[2152]:في جـ، ط، ب: "حكاها".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مّا يُؤْمِنُونَ }

اختلفت القراء في قراءة ذلك ، فقرأه بعضهم : { وَقَالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ } مخففة اللام ساكنة ، وهي قراءة عامة الأمصار في جميع الأقطار . وقرأه بعضهم : «وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلُفٌ » مثقلة اللام مضمومة . فأما الذين قرءوها بسكون اللام وتخفيفها ، فإنهم تأوّلوها أنهم قالوا قلوبنا في أكنة وأغطية وغُلْف . والغُلْفُ على قراءة هؤلاء ، جمع أغلف ، وهو الذي في غلاف وغطاء كما يقال للرجل الذي لم يختتن : أغلف ، والمرأة غلفاء ، وكما يقال للسيف إذا كان في غلافه : سيف أغلف ، وقوس غلفاء ، وجمعها «غُلْف » ، وكذلك جمع ما كان من النعوت ذكره على أفعل وأنثاه على فعلاء ، يجمع على «فُعْل » مضمومة الأول ساكنة الثاني ، مثل أحمر وحُمر ، وأصفر وصُفر ، فيكون ذلك جماعا للتأنيث والتذكير ، ولا يجوز تثقيل عين «فُعْل » منه إلا في ضرورة شعر ، كما قال طَرَفة بن العبد :

أيّها الفِتْيَانُ فِي مَجْلِسِنَا *** جَرّدوا مِنْها وِرادا وشُقُرْ

يريد : شُقْرا ، لأن الشعر اضطره إلى تحريك ثانيه فحركه . ومنه الخبر الذي :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا الحكم بن بشير بن سلمان ، قال : حدثنا عمرو بن قيس الملائي ، عن عمرو بن مرة الجملي ، عن أبي البختري ، عن حذيفة قال : القلوب أربعة . ثم ذكرها ، فقال فيما ذكر : وقلب أغلف : معصوب عليه ، فذلك قلب الكافر .

ذكر من قال ذلك ، يعني أنها في أغطية .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : حدثني ابن إسحاق ، قال : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } أي في أكنة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : حدثنا معاوية بن صالح ، عن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ }أي في غطاء .

حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني عمي ، قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } فهي القلوب المطبوع عليها .

حدثني عباس بن محمد ، قال : حدثنا حجاج ، قال : قال ابن جريج ، أخبرني عبد الله بن كثير ، عن مجاهد قوله : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } عليها غشاوة .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، قال : أخبرني عبد الله بن كثير ، عن مجاهد : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } عليها غشاوة .

حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي ، قال : حدثنا أبو أحمد الزبيري ، قال : حدثنا شريك عن الأعمش قوله : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } قال : هي في غلف .

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } أي لا تفقه .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : { وَقَالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ } قال : هو كقوله : قُلُوبُنَا فِي أكِنّةٍ .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة في قوله : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } قال : عليها طابع ، قال هو كقوله : { قُلُوبُنَا فِي أكِنّةٍ } .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا آدم ، قال : حدثنا أبو جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } أي لا تفقه .

حدثني موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ } قال : يقولون : عليها غلاف وهو الغطاء .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } قال : يقول قلبي في غلاف ، فلا يخلص إليه مما تقول . وقرأ : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أكِنّةٍ مِمّا تَدْعُونَا إلَيْهِ } .

قال أبو جعفر : وأما الذين قرءوها : «غُلُفٌ » بتحريك اللام وضمها ، فإنهم تأوّلوها أنهم قالوا : قلوبنا غُلُف للعلم ، بمعنى أنها أوعية . قال : والغلف على تأويل هؤلاء جمع غلاف ، كما يجمع الكتاب كُتُب ، والحجاب حُجُب ، والشهاب شُهُب .

فمعنى الكلام على تأويل قراءة من قرأ : «غُلُفٌ » بتحريك اللام وضمها : وقالت اليهود قلوبنا غُلُف للعلم ، وأوعية له ولغيره . ذكر من قال ذلك :

حدثني عبيد بن أسباط بن محمد ، قال : حدثنا أبي ، عن فضيل بن مرزوق ، عن عطية : «وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلُفٌ » قال : أوعية للذكر .

حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا فضيل ، عن عطية في قوله : «قُلُوبُنَا غُلُفٌ » قال : أوعية للعلم .

حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا فضيل ، عن عطية ، مثله .

حدثت عن المنجاب ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، عن أبي روق ، عن الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : { وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلُفٌ } قال : مملوءة علما لا تحتاج إلى محمد صلى الله عليه وسلم ولا غيره .

والقراءة التي لا يجوز غيرها في قوله : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ }هي قراءة من قرأ «غُلْف » بتسكين اللام بمعنى أنها في أغشية وأغطية لاجتماع الحجة من القراء وأهل التأويل على صحتها ، وشذوذ من شذّ عنهم بما خالفه من قراءة ذلك بضم اللام . وقد دللنا على أن ما جاءت به الحجة متفقة عليه حجة على من بلغه ، وما جاء به المنفرد فغير جائز الاعتراض به على ما جاءت به الجماعة التي تقوم بها الحجة نقلاً وقولاً وعملاً في غير هذا الموضع ، فأغنى ذلك عن إعادته في هذا المكان .

القول في تأويل قوله تعالى : { بَلْ لَعَنَهُمُ اللّه بِكُفْرِهِمْ } .

يعني جل ثناؤه بقوله : { بَلْ لَعَنَهُمُ اللّهُ } : بل أقصاهم الله وأبعدهم وطردهم وأخزاهم وأهلكهم بكفرهم وجحودهم آيات الله وبيناته ، وما ابتعث به رسله ، وتكذيبهم أنبياءه . فأخبر تعالى ذكره أنه أبعدهم منه ومن رحمته بما كانوا يفعلون من ذلك . وأصل اللعن : الطرد والإبعاد والإقصاء ، يقال : لَعَنَ الله فلانا يلعنُه لَعْنا وهو ملعون ، ثم يصرّف مفعول فيقال هو لَعِينٌ ومنه قول الشماخ بن ضرار :

ذَعَرْتُ بِهِ القَطا ونَفَيْتُ عنْهُ*** مَكَانَ الذّئْبِ كالرّجُلِ اللّعِينِ

قال أبو جعفر : في قول الله تعالى ذكره : { بَلْ لَعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ }تكذيبٌ منه للقائلين من اليهود : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ } لأن قوله : بَلْ دلالة على جحده جل ذكره ، وإنكاره ما ادّعوا من ذلك إذ كانت «بل » لا تدخل في الكلام إلا نقضا لمجحود .

فإذا كان ذلك كذلك ، فبيّنٌ أن معنى الآية : وقالت اليهود قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه يا محمد . فقال الله تعالى ذكره : ما ذلك كما زعموا ، ولكن الله أقصى اليهود وأبعدهم من رحمته وطردهم عنها وأخزاهم بجحودهم له ولرسله فقليلاً ما يؤمنون .

القول في تأويل قوله تعالى : فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ .

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله : { فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ } . فقال بعضهم : معناه : فقليل منهم من يؤمن ، أي لا يؤمن منهم إلا قليل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : { بَلْ لَعَنَهُمُ اللّهُ بِكْفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ } فلعمري لَمن رجع من أهل الشرك أكثر ممن رجع من أهل الكتاب ، إنما آمن من أهل الكتاب رهط يسير .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة : { فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ } قال : لا يؤمن منهم إلا قليل .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : فلا يؤمنون إلا بقليل مما في أيديهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قتادة : { فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ } قال : لا يؤمن منهم إلاّ قليل . قال معمر : وقال غيره : لا يؤمنون إلاّ بقليل مما في أيديهم .

وأولى التأويلات في قوله : { فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ } بالصواب ما نحن مُتقنوه إن شاء الله وهو أن الله جل ثناؤه أخبر أنه لعن الذين وصف صفتهم في هذه الآية ، ثم أخبر عنهم أنهم قليلو الإيمان بما أنزل الله إلى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، ولذلك نصب قوله : فَقَلِيلاً لأنه نعت للمصدر المتروك ذكره ، ومعناه : بل لعنهم الله بكفرهم فإيمانا قليلاً ما يؤمنون . فقد تبين إذا بما بينا فساد القول الذي روي عن قتادة في ذلك لأن معنى ذلك لو كان على ما روي من أنه يعني به : فلا يؤمن منهم إلا قليل ، أو فقليل منهم من يؤمن ، لكان القليل مرفوعا لا منصوبا لأنه إذا كان ذلك تأويله كان القليل حينئذٍ مرافعا «ما » وإن نصب القليل ، و«ما » في معنى «من » أو «الذي » بقيت «ما » لا مرافع لها ، وذلك غير جائز في لغة أحد من العرب .

فأما أهل العربية فإنهم اختلفوا في معنى «ما » التي في قوله : فَقَلِيلاً مَا يُؤْمِنُونَ فقال بعضهم : هي زائدة لا معنى لها ، وإنما تأويل الكلام : فقليلاً يؤمنون ، كما قال جل ذكره : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللّهِ لِنْتَ لَهُمْ وما أشبه ذلك . فزعم أن «ما » في ذلك زائدة ، وأن معنى الكلام : فبرحمة من الله لنت لهم وأنشد في ذلك محتجّا لقوله ذلك ببيت مهلهل :

لَوْ بِأبانَيْنِ جاءَ يَخْطُبُها *** خُضّبَ ما أنْفُ خاطِبٍ بدَمِ

ورغم أنه يعني : خضب أنف خاطب بدم ، وأن «ما » زائدة .

وأنكر آخرون ما قاله قائل هذا القول في «ما » في الآية ، وفي البيت الذي أنشده ، وقالوا : إنما ذلك من المتكلم على ابتداء الكلام بالخبر عن عموم جميع الأشياء ، إذ كانت «ما » كلمة تجمع كل الأشياء ثم تخصّ وتعمّ ما عمته بما تذكره بعدها . وهذا القول عندنا أولى بالصواب لأن زيادة «ما » لا تفيد من الكلام معنى في الكلام غير جائز إضافته إلى الله جل ثناؤه . ولعل قائلاً أن يقول : هل كان للذين أخبر الله عنهم أنهم قليلاً ما يؤمنون من الإيمان قليل أو كثير فيقال فيهم فقليلاً ما يؤمنون ؟ قيل : إن معنى الإيمان هو التصديق ، وقد كانت اليهود التي أخبر الله عنها هذا الخبر تصدّق بوحدانية الله وبالبعث والثواب والعقاب ، وتكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ونبوّته ، وكل ذلك كان فرضا عليهم الإيمان به لأنه في كتبهم ، ومما جاءهم به موسى فصدّقوا ببعض هو ذلك القليل من إيمانهم ، وكذّبوا ببعض فذلك هو الكثير الذي أخبر الله عنهم أنهم يكفرون به .

وقد قال بعضهم : إنهم كانوا غير مؤمنين بشيء ، وإنما قيل : { فَقَلِيلاً ما يُؤْمِنُونَ } وهم بالجميع كافرون ، كما تقول العرب : قلّما رأيت مثل هذا قط ، وقد رُوي عنها سماعا منها : مررت ببلاد قلما تنبت إلا الكُرّاث والبصل ، يعني : ما تنبت غير الكرّاث والبصل ، وما أشبه ذلك من الكلام الذي ينطق به بوصف الشيء بالقلة ، والمعنى فيه نفي جميعه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

{ وقالوا قلوبنا غلف } مغشاة بأغطية خلقية لا يصل إليها ما جئت به ولا تفقهه ، مستعار من الأغلف الذي لم يختن وقيل أصله غلف جمع غلاف فخفف ، والمعنى أنها أوعية للعلم لا تسمع علما إلا وعته ، ولا تعي ما تقول . أو نحن مستغنون بما فيها عن غيره . { بل لعنهم الله بكفرهم } رد لما قالوه ، والمعنى أنها خلقت على الفطرة والتمكن من قبول الحق ، ولكن الله خذلهم بكفرهم فأبطل استعدادهم ، أو أنها لم تأب قبول ما تقوله لخلل فيه ، بل لأن الله تعالى خذلهم بكفرهم كما قال تعالى : { فأصمهم وأعمى أبصارهم } ، أو هم كفرة ملعونون ، فمن أين لهم دعوى العلم والاستغناء عنك ؟ { فقليلا ما يؤمنون } فإيمانا قليلا يؤمنون ، وما مزيده للمبالغة في التقليل ، وهو إيمانهم ببعض الكتاب . وقيل أراد بالقلة العدم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

{ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ } ( 88 )

وقرأ جمهور القراء «غلْف » بإسكان اللام على أنه جمع أغلف مثل «حمْر » و «صفْر » ، والمعنى قلوبنا عليها غَلَف وغشاوات( {[921]} ) فهي لا تفقه( {[922]} ) ، قاله ابن عباس ، وقال قتادة : «المعنى عليها طابع » ، وقالت طائفة : غلْف بسكون اللام جمع غلاف ، أصله غلّف( {[923]} ) بتثقيل اللام فخفف .

قال القاضي أبو محمد رحمه الله : وهذا( {[924]} ) قلما يستعمل إلا في الشعر . وقرأ الأعمش والأعرج وابن محيصن «غلّف » بتثقيل اللام( {[925]} ) جمع غلاف ، ورويت عن أبي عمرو ، فالمعنى هي أوعية للعلم والمعارف بزعمهم ، فهي لا تحتاج إلى علم محمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل : المعنى فكيف يعزب عنها علم محمد صلى الله عليه وسلم ؟ ، فرد الله تعالى عليهم بقوله : { بل لعنهم الله بكفرهم } ، و { بل } في هذه الآية نقض للأول ، وإضراب عنه ، ثم بين تعالى أن السبب في نفورهم عن الإيمان إنما هو أنهم لعنوا بما تقدم من كفرهم واجترامهم ، وهذا هو الجزاء على الذنب فالذنب أعظم منه( {[926]} ) ، واللعن الإبعاد والطرد ، و { قليلاً } نعت لمصدر محذوف تقديره فإيماناً قليلاً ما يؤمنون ، والضمير في { يؤمنون } لحاضري محمد صلى الله عليه وسلم ، ويتجه قلة هذا الإيمان : إما لأن من آمن بمحمد منهم قليل فيقل لقلة الرجال ، قال هذا المعنى قتادة ، وإما لأن وقت إيمانهم عندما كانوا يستفتحون به قبل مبعثه قليل ، إذ قد كفروا بعد ذلك ، وإما لأنهم لم يبق لهم بعد كفرهم غير التوحيد على غير وجهه ، إذ هم مجسمون فقد قللوه بجحدهم الرسل وتكذيبهم التوراة ، فإنما يقل من حيث لا ينفعهم كذلك ، وعلى هذا التأويل يجيء التقدير فإيماناً قليلاً( {[927]} ) ، وعلى الذي قبله فوقتاً قليلاً ، وعلى الذي قبله فعدداً من الرجال قليلاً ، و { ما } في قوله : { فقليلاً ما يؤمنون } زائدة مؤكدة ، و { قليلاً } نصب ب { يؤمنون } .


[921]:- وفي بعض النسخ وغشاوات.
[922]:- أي لا تفهم ما تقول ولا تعيه، إذ هو مما لا يفهم، وقيل: عليها طابع، لقوله تعالى: [طبع الله على قلوبهم].
[923]:- أي كخمار وخُمُر فهو على هذا مخفف من ثقيل.
[924]:- المعنى: وهذا التثقيل قل أن يستعمل إلا في الشعر كقول طرفة: أيها الفتيان في مجلسنا جرِّدوا منها ورادا وشقرد فحركت لضرورة الشعر. وفي بعض النسخ: قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا قل ما يستعمل الخ.
[925]:- أي بتحريكها بالضم، والغرض أن (غلف) بضم اللام جمع غلاف، وكذلك (غلف) بسكون اللام جمع غلاف ولكنه مخفف من الأول، واستعمال المخفف أكثر، واستعمال المثقل أقل، هذا وفي بعض النسخ: (وقرأ بن عباس، والأعرج، وابن محيص، بدل: "وقرأ الأعمش" الخ. والله أعلم.
[926]:- يعني أن الله سبحانه جازاهم بالطرد واللعن المتسبب عن الذنب الذي هو الكفر. والإضراب في الآية هو عن النسبة التي تضمنها قولهم: [قلوبنا غلف] خلقت على الفطرة متمكة من قبول الحق، فأخبروا عنها بما لم تخلق عليه- والطرد والإبعاد أعظم ما يصيب المرء في حياته.
[927]:- هذا أحسن الوجوه، لأن دلالة الفعل على مصدره أقوى من دلالته على زمانه ومكانه ومفعوله وفاعله، ولموافقة قوله تعالى: [فلا يؤمنون إلا قليلا].