الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

قوله ( قُلُوبُنَا غُلْفٌ ) [ 87 ] .

هو جمع أغلف كأنها في غلاف وغطاء . يقال : " سيف( {[2914]} ) أغْلَفُ إذا كان في غلافه " ( {[2915]} ) .

وقال قتادة : " معناه قلوبنا لا تفقه " ( {[2916]} ) .

وقال ابن عباس وغيره : " معناه : قلوبنا في غطاء وغلاف فليس نفهم( {[2917]} ) ما تقول كما قال : ( قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِّمَّا تَدْعُونَا )( {[2918]} )( {[2919]} ) .

ويجوز أن يكون " غُلْفٌ " جمع " غلاف " ، لكن( {[2920]} ) أسكن تخفيفاً . ومعناه : قلوبنا أوعية للعلم لا تحتاج إلى/ علم محمد صلى الله عليه وسلم .

وعلى ذلك قراءة من قرأ بِضَمِّ اللام ، وهي قراءة الأعرجِ( {[2921]} )/ وابن محيصن ورويت عن أبي عمرو وابن عباس( {[2922]} ) .

قوله : ( بَلْ لَّعَنَهُمُ اللَّهُ ) [ 87 ] .

أي أبعدهم الله وطردهم وأخزاهم( {[2923]} ) . وأصل اللعن الطرد والإبعاد والإقصاء( {[2924]} ) .

( فَقَلِيلاً مَّا يُومِنُونَ ) [ 87 ] نصبه على أنه نعت لمصدر( {[2925]} ) محذوف أو لظرف محذوف( {[2926]} ) .

وقيل : هو منصوب ب " يؤمِنُونَ " ، و " ما " زائدة( {[2927]} ) .

ومعناه أنهم يقرون بالله ويوحدونه ، ويكفرون بالنبي [ عليه السلام ]( {[2928]} ) كما قال ( وَمَا يُومِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ )( {[2929]} )( {[2930]} ) .

ويجوز أن يكون المعنى أنهم لم يؤمنوا البتة ، تقول العرب " قَلَّ الشَّيء " إذا لم يوجد( {[2931]} ) .

ويُقال : " قَلَّما رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا " أي : ما رأيت مثله( {[2932]} ) .

وحكى الكسائي عن العرب : " مَرَرْتُ بِبِلادٍ قَلَّ مَا تُنْبِتُ( {[2933]} ) إلاَّ الكُرَّاثَ( {[2934]} ) وَالبَصَلَ " أي : ما تنبت سواهما( {[2935]} ) .

وحكى سيبويه : " قلّ رجلٌ يقُولُ ذَلكَ إلاّ زَيْداً " ( {[2936]} ) .

وقال أهل التفسير : " معناه : فقليلاً( {[2937]} ) منهم من يؤمن ، لأن الذين آمنوا من المشركين أكثر كثيراً ممن آمن من اليهود " . وهذا مروي عن قتادة( {[2938]} ) ويلزم منه رفع " قليل " .

وقيل( {[2939]} ) : المعنى : ليس يؤمنون مما في أيديهم إلا بقليل " ( {[2940]} ) .

والاختيار عند أكثرهم قول من قال : " إنهم قليلوا( {[2941]} ) الإيمان بما أنزل على النبي( {[2942]} ) [ عليه السلام ]( {[2943]} ) .


[2914]:- في ع3: السيف.
[2915]:- انظر: هذا التوجيه في مجاز القرآن 1/51، وتفسير الغريب 57، ومفردات الراغب 376-377.
[2916]:- انظر: جامع البيان 2/326، وتفسير ابن كثير 1/123، والدر المنثور 1/214.
[2917]:- في ق: ينفعهم.
[2918]:- فصلت آية 4.
[2919]:- انظر: جامع البيان 2/326، وتفسير ابن كثير 1/123، والدر المنثور 1/214.
[2920]:- في ع3: ولكن.
[2921]:- هو عبد الرحمن بن هرمز أبو داود، ثقة ثبت، حافظ. سمع من أبي هريرة وابن عباس. وروى عنه نافع والزهري. (ت117هـ). انظر: تذكرة الحفاظ 97، وطبقات القراء 1/381، وتقريب التهذيب 1/501، والخلاصة 1/156.
[2922]:- انظر: كتاب السبعة 64.
[2923]:- في ع3: أخذهم.
[2924]:- انظر: مجاز القرآن 1/46، ومفردات الراغب 471، واللسان 3/374.
[2925]:- في ع3: للمصدر.
[2926]:- انظر: هذا التوجيه في البيان 1/106، والإملاء 1/50.
[2927]:- انظر: معاني الأخفش 1/135، والبيان 1/106، والإملاء 1/150.
[2928]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم.
[2929]:- يوسف آية 106.
[2930]:- انظر: هذا المعنى في معاني الفراء 1/60، وجامع البيان 2/331.
[2931]:- انظر: هذا المعنى في جامع البيان 2/331.
[2932]:- انظر: معاني الفراء 1/59، وجامع البيان 2/331.
[2933]:- في ق: تبت. وهو تحريف.
[2934]:- والكرّاث ضرب من النبات ذو بصلة أرضية. اللسان 3/239.
[2935]:- انظر: معاني الفراء 1/59، وجامع البيان 2/331.
[2936]:- انظر: اللسان 3/154.
[2937]:- في ق: قليلاً.
[2938]:- انظر: جامع البيان 2/328، والدر المنثور 1/215.
[2939]:- في ق: قليل. وهو تحريف.
[2940]:- انظر: جامع البيان 2/329.
[2941]:- في ق: قليل. وهو تحريف.
[2942]:- في ق: بني إسرائيل.
[2943]:- في ع3: صلى الله عليه وسلم.