التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

قوله تعالى : { وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين } .

قالت اليهود للنبي ( صلى الله عليه وسلم ) حينما دعاهم إلى التوحيد والإسلام { قلوبنا غلف } جمع أغلف . والقلب الأغلف كأنما أغشي غلافا فهو لا يعي ولا يفقه . والقلوب الغلف يعني عليها أغطية أو أغشية تغشاها وتحيط بها فتسترها عن الفهم والتمييز . وقال ابن عباس : أي قلوبنا ممتلئة علما فلسنا بحاجة لمحمد ( صلى الله عليه وسلم ) وعلمه . وقيل : غلف جمع غلاف . أي أن قلوبنا أوعية للعمل فكيف يعزب عنها علم محمد ( صلى الله عليه وسلم ) {[96]} .

هكذا يقولون في سفاهة وعتو وهم يعلمون أنهم كاذبون مبطلون . ومن أجل ذلك استحقوا من الله اللعن وهو الإبعاد والطرد من مواطن الخير ، وذلك بسبب ما أظهروه من كفر صراح .

وقوله : { فقليلا ما يؤمنون } قليلا منصوب ؛ لأنه صفة مصدر محذوف . وما زائدة . والمعنى أن هؤلاء الجاحدين الكفرة لا يؤمنون بغير القليل مما معهم من كتاب ويكفرون بأغلب ما فيه . وقيل : إنهم لا يؤمنون قليلا ولا كثيرا ، أي لا يؤمنون أقل إيمان . فالمراد بالقلة هنا النفي . والمعنى : لا يؤمنون أصلا . كقوله : { قليلا ما تشكرون } أي لا يشكرون أصلا{[97]} .


[96]:- القاموس المحيط جـ 3 ص 187 ومختار الصحاح ص 478 وتفسير القرطبي جـ 2 ص 25 وتفسير النسفي جـ 1 ص 61
[97]:- البيان الأنباري جـ 1 ص 106 وتفسير النسفي جـ 1 ص 61.