السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلۡفُۢۚ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفۡرِهِمۡ فَقَلِيلٗا مَّا يُؤۡمِنُونَ} (88)

{ وقالوا } للنبيّ صلى الله عليه وسلم استهزاءً : { قلوبنا غلف } جمع أغلف أي : مغشاة بأغطية لا يتوصل إليها ما جئت به ولا تفقهه ، مستعار من الأغلف الذي لم يختن كقولهم : { قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه } ( فصلت ، 5 ) ، وقيل : أصل غلف بالسكون غلف بالضم فخفف ، والمعنى أنها أوعية العلم لا تسمع علماً إلا وعته ولا تعي ما تقول أي : فما تقوله ليس بعلم أو نحن مستغنون بما فيها عن غيره ، ثم ردّ الله تعالى عليهم أن تكون قلوبهم كذلك بقوله تعالى : { بل } للإضراب { لعنهم الله بكفرهم } أي : بسبب كفرهم ، والمعنى أنها خلقت على الفطرة والتمكن من قبول الحق ولكنّ الله خذلهم بكفرهم فأبطل استعدادهم كما قال تعالى : { فأصمهم وأعمى أبصارهم } ( محمد ، 23 ) أو هم كفرة ملعونون فمن أين لهم دعوى العلم والاستغناء عنك { فقليلاً ما يؤمنون } ما مزيدة لتأكيد القلة أي : إيمانهم إيمان قليل جدّاً وهو إيمانهم ببعض الكتاب وقيل : أراد بالقلة العدم .